أنت إنسان حربي، كنت آخر الخارجين من لبنان والآن أنت أول الداخلين إليه بعد وقف الحرب، ننتظر كتاباتك م
في اليوم التالي (الثلثاء) ذهبت إلى أحد مكاتب الطيران هناك وحاولت أن أحصل على رحلة توصلني مع أهلي إلى مطار بيروت مباشرة فلم أجد... الذي وجدته هو فقط رحلة متعبة وطويلة جداً تأخذنا من بريمن في ألمانيا إلى بيروت في يوم كامل فوافقت عليها... وفي صباح يوم الأربعاء إبتدأت رحلة العودة، إذ غادرنا الشقة صباحاً واتجهنا إلى المطار وأخذنا الطائرة المتجهة إلى أمستردام في هولندا... وصلت الطائرة ومن بعدها انتظرنا أكثر من ثلاث ساعات في المطار ثم ركبنا الطائرة المتجهة إلى عمَّان في المملكة الأردنية الهاشمية إذ وصلنا الساعة الثانية عشرة في منتصف الليل وكان لزاماً علينا أن ننتظر في المطار حتى الساعة السابعة صباحاً... وهو موعد طائرة شركة (عالية) المغادرة إلى مطار بيروت الدولي...
هذه كانت أتعب مرحلة في الرحلة وهي الإنتظار في مطار عمان لمدة سبع ساعات... هذه المشكلة لم نعانِ منها نحن فقط ولكن جميع المسافرين القادمين من مختلف أنحاء دول أوروبا والمتجهين إلى أي من الدول العربية، لأن الطائرات الأجنبية تصل في الليل والطائرات الأردنية تغادر في الصباح... لذلك فإني تفاجأت مما رأيته في مطار عمان فالغالبية (إن لم يكن الجميع) من الركاب الذين ينتظرون طائراتهم في الصباح هم مستلقون على جميع الكراسي الموجودة في المطار ونائمون... كأنهم ذباب مرشوش عليه بف باف... رجال ونساء وأطفال ممددون ونائمون على الكراسي الحديدية، ومشاخر ومناخر بأصوات غير طبيعية، حتى عندما دخلنا إلى قاعة الدرجة الأولى فإن الحالة لم تكن مختلفة... الغالبية كانت نائمة على الكراسي وتغط في سبات عميق وواضعة الأحذية في أرجلها وتتقلب على الكراسي الكبيرة...
انتظرنا (من دون نوم) حتى الساعة السابعة إذ غادرت الطائرة متجهة إلى مطار بيروت الذي وصلنا إليه في تمام الساعة الثامنة... الكابتن الذي يقود الطائرة الظاهر أنه كان طياراً حربياً من قبل لأنه انطلق في البداية بسرعة كبيرة وطار بعد مسافة قصيرة جداً من مدرج مطار عمَّان، وعند نزوله في مطار بيروت اندفع بسرعة صاروخية ومن ثم خفف قليلاً واستدار استدارة كاملة على المدرج ورجع لأن أمامه كانت حفرة كبيرة لم يتم تصليحها بعد... هذه أول مرة أرى طائرة تعمل (يو تيرن) على أرضية مدرج... المهم أننا وصلنا بيروت بالسلامة ونزلنا في المطار...
لقد كنا الطائرة الوحيدة التي تصل والمطار كان خالياً، لذلك لم تكن هناك أية صعوبات أو تأخير في منطقة الجوازات أو عند تسلم الشنط... خرجنا من المطار ولم يكن هناك سوى ثلاث سيارات أجرة (على غير العادة) فأخذنا سيارة لكي تقلنا إلى شقتنا الموجودة في منطقة الروضة الجديدة، وفي الطريق شاهدت المآسي والخراب... كان المنظر الذي أمامنا أصعب من أن يوصف فالدمار الشامل الذي رأيته (وأنا عسكري سابق وخبير في المتفجرات ولدي معلومات كبيرة عن القنابل) يؤكد لي بما لا يدع مجالاً للشك بأن القنابل التي استخدمت من قبل العدو الصهيوني لم تكن قنابل طبيعية... أو حسب ما نسميه تقليدية... إنها قنابل من نوع آخر، دمرت الزرع والضرع وعملت دماراً سوف نتكلم عنه في يوم غد إن شاء الله
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1452 - الأحد 27 أغسطس 2006م الموافق 02 شعبان 1427هـ