لست مبالغاً في وصف التجنيس بعملية تدمير، نعم بنفس المعنى والمبنى، فتجنيس أفواج كبيرة من البشر في بلد يواجه مشكلات في مجالات كثيرة وعلى أصعدة متعددة... لا يقل عن عملية تدمير شامل للدولة؛ تدمير اقتصادي واجتماعي وسياسي.
تدمير على الناحية الاقتصادية، إذ يئن الناس من ضائقة ذات اليد، والأرزاق المبتورة والمقتطع منها لرسوم وجبايات تفرضها الدولة على المواطنين، متمثلة في فواتير الخدمات من كهرباء وماء ومرور وإسكان وبلدية... كما يعاني المواطن البحريني من وطأة متعاظمة للديون جراء مراكمة الأعباء المالية على «ظهره»...
ما يوجع الفقراء ويقض مضاجعهم. ومع ذلك لم تكتف الحكومة بهذا الأمر؛ بل بلغ بها نقل أفواج مجلوبة من الخارج إلى البلد الذي يعاني، بحسب تصريحات الحكومة، من شح الموارد الاقتصادية وندرتها! وتحولت بلادنا مرتعاً لكل من «هب ودب» للعيش فيها، وذلك بدلاً من ان تتخذ الحكومة ما يُعرف بسياسة الدولة الطاردة للجنسية، أي سياسة صارمة في منح الجنسية.
السؤال المنطقي الذي يسبق عملية التجنيس: هل البحرين بحاجة إلى التجنيس؟ هل تمكنت الحكومة من وضع الحلول المناسبة لجميع مشكلات المواطنين؟ وإلا فلماذا تفيض وتنضح خيرات «عذاري» للبعيد وعلى العالم كله، وتنسى شعبها؟!
أم أن حكومتنا هي حكومة خيرية، أي تقدم مساهمات إنسانية نبيلة خدمة للبشرية جمعاء، وذلك من خلال عمليات تجنيس الأفواج المجلوبة من الخارج؟!
تشير أرقام موازنة الدولة لعامي 2007 - 2008 - كما يقول الدكتور المحترف اقتصادياً عبدالعزيز أبل - إلى اعتماد الحكومة على «الاقتراض لتمويل العجز، وهو أسلوب غير مجد اقتصادياً لأنه يراكم الكثير من الالتزامات على الدين العام ما سيرهق كاهل الأجيال القادمة إذاً، كيف تستمر الدولة بالتجنيس في وضع اقتصادي مزر في الحاضر، ومستقبل مالي قاتم.
البحرين من الدول الأكثر كثافة سكانية في العالم، والأراضي الخاصة تتجاوز التسعين بالمئة من مجمل الأراضي في البحرين.
وتعاني البحرين من مشكلة إسكانية بلغت مبلغاً خطيراً؛ إذ يبلغ عدد طلبات المنتظرين على قائمة الإسكان خمسة وأربعون ألف طلب إسكاني، أي خمسة وأربعون ألف أسرة على قائمة الانتظار. والأسرة البحرينية يبلغ معدل الأفراد فيها من 5 - 6 أفراد، أي مائتين وخمسين ألف مواطن بحريني ينتظرون من الدولة أن توفر لهم سكناً ملائماً، أي أكثر من نصف شعب البحرين!
وهنا السؤال: هل الحكومة البحرينية، على استعداد لمعالجة مشكلات الأفواج المجلوبة من الخارج والتي يتم تجنيسها، وهي لم تستطع حلحلة مشكلات مواطنيها؟ أم أن حكومة البحرين سوف تُسكن من تجلبهم في «جدر هريس»، وتنام على طرف نعسان و«دار ما داره بحر»؟
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1452 - الأحد 27 أغسطس 2006م الموافق 02 شعبان 1427هـ