بينما تكثف الولايات المتحدة حملاتها الإعلامية والسياسية بشأن موضوع ومخاطر الحرب البيولوجية والكيميائية التي تهاجم الضحايا من مصدر مجهول يستحيل أو يصعب رصده، تواصل في آن، وبوعي، إحاطة أسرار تقنيات حروب أخطر، يتم الإعداد لها في تكتم تام داخل معامل الدول الكبرى. تلك هي حرب الموجات الكهرومغناطيسية.
هذه الموجات أو أسلحة الطاقة الموجهة لشل حركة العدو أو إصابة أحد أجهزة جسم الجندي تعتبر أساس حرب المستقبل لدى كل من الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وألمانيا وهولندا وفرنسا وإيطاليا. ووفقاً لما ورد في مجلة «ديفنس نيوز» (Defense News) في عدد 4 مارس/ آذار 1992، فقد استخدمها الأميركان بالفعل في أول تجربة لها أثناء حرب الخليج عندما اسقطوا قنابل كهرومغناطيسية فوق العراق، كما استخدم الروس سلاح موجات الراديو بالترددات القصيرة ضد الأفغان عامي 1983 و1984 كأول نموذج روسي. وقد أبدى العسكريون اهتماماً كبيراً بالموجات الكهرومغناطيسية كـ «سلاح نظيف غير ملوث للبيئة» فعال، غير مرئي وصامت. وبفضل ذلك تصبح صورة جندي المستقبل في أرض المعركة خلال الـ 20 عاماً المقبلة على النحو الآتي:
إنسان مدرع إلكترونياً داخل بدلة محكمة الإغلاق تمنع نفاذ أي أسلحة كيميائية وبكتيرية.. وعلى رأسه خوذة تلتقط الأشعة تحت الحمراء وبها شاشة تحدد وضعه الجغرافي في أرض المعركة وتحسب له مسار القذيفة التي يطلقها. وفي ذراعه بندقية تعمل بالليزر أو مسدس بالموجات القصيرة يوصله بقيادته عبر القمر الصناعي. انه جندي مشاة على أحدث مستويات التكنولوجيا ليناسب التغيرات الشديدة في استراتيجية العمليات الحربية بعد نهاية الحرب الباردة كظهور مهام جديدة للقوات المسلحة مثل التدخل في مناطق النزاع أوحفظ السلام وكذلك مواجهة الحركات الإرهابية وحالات العصيان والتمرد وخطف الرهائن وحتى الأنشطة شبه العسكرية لمافيا المخدرات.
وأسلحة حرب المستقبل، كما تقول مجلة «سيانس ايه في» في تحقيق خاص، يتم إعدادها منذ عشرات السنين خصوصاً المعامل الأميركية والروسية. ومنها أسلحة الطاقة الموجهة التي تشل حركة العدو عن بعد ولكن من دون الإضرار بالمصالح الاقتصادية في المنطقة أو ترك نفايات أو حدوث تلوث. إنها باختصار اسطورة «حرب نظيفة» بلا قتلي.
وفي العام 1989 نشرت المجلة الأميركية «ميكروويف نيوز» تصريحاً للرئيس الروسي السابق بوريس يلتسين يعترف فيه بان المخابرات السوفيتية (ك. جي. بي) كانت في عهده تدرس إمكان استخدام الترددات القصيرة جداً والتي تتراوح من صفر الي 30 هرتز في قتل العدو عن بعد بالسكتة القلبية. وفي أميركا يتم تطوير أسلحة المستقبل بالتعاون بين وزارتي الدفاع والعدل. وفي تقرير نشرته العام 1996 اللجنة الاستشارية العلمية للقوات الجوية الاميركية تبين أن هذه الموجات عند تأثيرها على الإنسان يمكن أن تمنع الحركات العضلية الإرادية وبالتالي تشل حركته وأيضاً أن تتحكم في انفعالاته وردود فعله وقد تصيبه بالنعاس أو تنقل له أفكاراً ومقترحات أو تتدخل في ذاكرته قصيرة المدى وطويلة المدى وذلك بان تزرع فيه خبرات لم يكتسبها بنفسه أو تمسح من ذاكرته خبرات مكتسبة. ويحلم العلماء أن يسيطروا بهذه الأسلحة على الصراعات المسلحة أو العمليات الإرهابية أو حوادث خطف الرهائن.
عناوين الكثير من حروب العقدين الماضيين كانت الأسلحة النووية والبيولوجية، فهل كتب علينا أن نهيئ أنفسنا لعناوين حروب الموجات الكهرومغناطيسية المقبلة؟
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1451 - السبت 26 أغسطس 2006م الموافق 01 شعبان 1427هـ