العدد 1451 - السبت 26 أغسطس 2006م الموافق 01 شعبان 1427هـ

فشل ذريع للمحافظين الجدد في إعادة تشكيل العالم العربي

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

الرؤية المحافظة الجديدة بإعادة تشكيل العالم العربي من خلال إدخال الديمقراطية الأميركية ببساطة فشلت فشلاً ذريعاً بسبب عدم قدرة جميع الأطراف على فهم المعتقدات الأساسية التي تشكل شعورنا الجماعي.

قلة من صانعي السياسة الأميركية يفهمون الفكر العربي بشأن الحكم. وقلة فقط من الحكام العرب يفهمون الأفكار التي ألهمت تأسيس أميركا، الأفكار نفسها التي تحاول أميركا غرسها في العراق وأفغانستان. وهذا يعود جزئياً إلى حقيقة أن الأدبيات التي شكلت العقلية السياسية الأميركية، الأوراق الفيدرالية وكتابات توماس جيفرسون وبنجامين فرانكلين وأخيراً مارتن لوثر كينغ الابن، غير متوافرة بالعربية.

في نهاية المطاف يكون من الجيد الحوار لصالح مبادئ مثل فصل السلطات في الحكم وحقوق الإنسان الأساسية، لكن إذا كانت هذه المفاهيم غير معروفة والتفكير المنطقي وراءها غير معروف فمن الأرجح ألا يكون لها تأثير كبير.

البيت الأبيض لم يتوقع هذه المشكلة ولم يفعل سوى القليل لإصلاحها، لكن مجموعة من اساتذة جامعة ميشغان قاموا بذلك عندما أوجدوا المعهد الأميركي العالمي ومشروع الترجمة الأميركي بهدف ترجمة كتب مشهورة في الفكر الأميركي إلى العربية وتوزيع نسخ بأسعار محتملة، بشكل واسع في المكتبات العربية.

عندما كان يقيم في المنطقة العربية «صدم» أستاذ التاريخ بجامعة ميشغان رئيس معهد أميركانا العالمي المشرف على المشروع جوان كول بانعدام الكتب السياسية الأميركية في المكتبات العربية.

لاحظ كول وجود بعض الأدبيات الأميركية متوافرة على نطاق توزيع ضيق، بما فيها أعمال مارك توين ووليم فولكنر ولكن كتباً عن الفكر السياسي الأميركي لم تكن متوافرة.

رفوف المكتبات العربية ليست خالية تماماً من الفكر السياسي الأميركي. «العرب يعرفون عن روسو وفولتير التاريخ السياسي الفرنسي» يقول كول في مقابلة: «ليس الأمر أن العرب لا يعرفون عن أفكار التنوير، ولكنهم ببساطة لا يعرفون الناحية الأميركية منها».

أحد الفوارق الرئيسية التي يشعر كول بها هو الأهمية للعالم المسلم هو أن يفهم أن التقليد الديمقراطي الأميركي على رغم علمانيته، كان دائماً أكثر انفتاحاً للدين من التقليد الفرنسي الذي كان بشكل علني معارضاً للنواحي الكنسية أثناء الثورة الفرنسية وبقي على هذا الحال حتى يومنا هذا، إذ كانت تعابير الإيمان ينظر إليها شزراً في المجتمع السياسي الفرنسي. إذا كانت هذه هي الصورة الوحيدة للديمقراطية التي استطاع العالم المسلم الوصول إليها فليس من العجيب أن الديمقراطية لم تحرز تقدماً عظيماً في المجتمعات العربية الدينية.

بعد 11 سبتمبر/ أيلول ظن كول أن العالم العربي الذي لا وصول له إلى الناحية الأميركية من فلسفة التنوير «خطر جداً».

من خلال البحث في قواعد معلومات متنوعة وكثيرة تأكد كول من أن أياً من الأعمال المهمة المؤثرة عن الفكر السياسي الأميركي لم تتم ترجمتها، دعك عن نشرها أو توزيعها.

ووجد كول أن وكالة المعلومات الأميركية تدير برنامج نشر صغير من الأردن ومصر. هذا البرنامج قام بترجمة عدد قليل من الأعمال بما فيها الأوراق الفيدرالية، ولكنها كانت، بحسب كول، «غير موزعة بالمرة، حسبما أستطيع رؤيته».

الوضع حفز كول مع سبعة أساتذة آخرين من جامعة ميشغان من أعضاء مجلس إدارة المعهد على القيام ببرنامج للترجمة.

بعد العمل بجهد شاق لتخطي كل العقبات الفيدرالية وفي الولاية تسلم المشروع حديثاً صفته الرسمية كمنظمة خيرية غير ربحية ما يجعل جميع التبرعات معفاة من الضرائب. على رغم أن المشروع «قد بدأ للتو» فقد تمكن من جمع 20 ألف دولار منذ شهر أبريل / نيسان الماضي، وبحسب كول«الجميع متشجع جداً بخصوص هذا المشروع».

مع ضمان الحصول على بعض الأموال وجهود إضافية لجمع المزيد يأمل كول في أن تظهر الترجمات الأولى خلال سنتين، يستغرق كل كتاب نحو السنة لترجمته وتحريره. أعمال الآباء المؤسسين أثبتت صعوبة خاصة لأن «اللغة الإنجليزية للقرن الثامن عشر صعبة للترجمة إلى العربية».

الكتاب الأول المفترض نشره سيكون مجموعة من المقالات لتوماس جيفرسون تركز على الحرية الدينية وفصل السلطات والحقوق التي لا يمكن الاستغناء عنها.

بعد مقالات جيفرسون تأتي السيرة الذاتية لبنجامين فرانكلين. الخطب والكتابات الرئيسية لمارتن لوثر كنغ الابن وسوزان انتوني ستكون كذلك من بين أوائل الترجمات.

لسوء الحظ يواجه المعهد عقبة توزيع هذه الكتب في المكتبات العربية. «توزيع الكتب الأميركية محدود أحياناً، قال لي كول: الكثير من الحكومات العربية لديها شكوك في الكتب الأميركية. في بعض الدول العربية تؤثر الحكومة على الكتب التي توضع على رفوف المكتبات».

بعد إيجاد وضعه المحدد في سوق الكتب العربية يأمل المعهد في أن يقوم بتحمل بكلف عدد آخر من مشروعات الترجمة بما فيها مجموعة موسعة من أعمال الآباء المؤسسين. كما يأمل المعهد في إنتاج كتاب عن الجاليات الأميركية للسوق العربية، وبترجمة تاريخ العالم العربي وخصوصاً العراق، كتبه مؤلفون غربيون إلى العربية.

يأمل كول بتوفير «نافذة نحو تفكير التقليد الأميركي السياسي خصوصاً بشأن الحقوق الفردية والجماعية» للعالم العربي.

هذه خطوة عظيمة إلى الأمام وهناك حاجة ماسة إليها، إذ كيف يمكننا أن نتوقع من العالم العربي أن يحترمنا ويفهمنا إذا لم يكن يفهم الفلسفة وراء نظام حكمنا ؟

لحسن الحظ أن مشروع المعهد يفتح هذه النافذة. نأمل ألا يكون الوقت قد فات.

أندرو بار

كاتب أميركي، والمقال ينشر بالتعاون مع خدمة «كومن غراوند

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1451 - السبت 26 أغسطس 2006م الموافق 01 شعبان 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً