في حديث جلالة الملك للصحف المصرية، الذي نشر أمس، الكثير من التوجهات التي ينبغي علينا أن نفكر فيها بصورة جادة أثناء ممارسة نشاطنا السياسي والاجتماعي. فجلالته أكد أن أي مشكلة في أي بلد «لابد أن نجد لها حلها، وعلينا أن نتطور اقتصادياً وسياسياً وداخلياً، ونحن نعمل ذلك في البحرين». وأضاف بصراحته المعهودة أنه لا وجود لمشكلة شيعية في البحرين، وليس هناك مجال للطائفية، منوهاً إلى أنه لا ينبغي أن نركز على هذه الجوانب منعاً لزيادة التعصب السياسي الذي يتخذ من الطائفية مرتكزاً له. وعرج الملك حمد على دعوة الولايات المتحدة إلى إقامة «شرق أوسط جديد»، بالقول: «إنه لا يوجد ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد أو القديم فدول المنطقة لها تاريخها وحضارتها وتراثها ولا يمكن أن يفرض عليها شيء من الخارج»، مضيفاً «أننا نعتبر الهند جزءاً من منطقتنا الشرق - أوسطية»، مؤكداً «نحن نثق في أنفسنا وعلينا أن نثق في شعبنا».

وقد اخترت من الحديث الصحافي العبارات أعلاه لأهميتها، فإنه يهمنا جميعاً في البحرين أن يطرح رأس الهرم السياسي خطاباً يكافح الطائفية التي يعتمدها عدد غير قليل من الذين يتحركون في دوائر الدولة والمجتمع كحجر أساس بحيث يخيل للمرء أحياناً وكأننا نعيش في بيئة للفصل العنصري...

إن أمامنا مشوار طويل، ولكن لابد من اجتيازه إلى حيث المواطنة التي تعتمد الكفاءة والمساواة أمام القانون والخدمة للوطن وأهله. فالأوطان الصاعدة لم تتحرك إلى الأمام إلا مع تعزيز مفهوم المواطنة الحقة، الذي يسمو على كل الفروقات التي تخلق الأحقاد وتدمر النسيج المجتمعي.

كما أن إشارة جلالته إلى موضوع الشرق الأوسط، تستحق التوقف كثيراً؛ لأن هذه التقسيمات والمسميات الجغرافية بدأتها فرنسا في 1798 عندما غزت مصر، ومن ثم قامت بريطانيا وفرنسا بإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية في منطقتنا في مطلع القرن العشرين... وحالياً تقوم الولايات المتحدة الأميركية بإعادة تشكيل منطقتنا بهدف خدمة مصالحها ومصالح «إسرائيل»، وهي تحاول عزلنا عن الهند والصين وآسيا الوسطى، على رغم أن تاريخنا كان مترابطاً مع هذه البلدان، وثقافتنا متشابهة إلى حد بعيد معها، وهذه أقوام لا تحتقرنا ولا تنظر إلينا نظرة استعلائية، بعكس أميركا التي تقدس «إسرائيل»، وتعتبرنا «متطرفين» و«فاشيين» و«طارئين» على الحضارة