في الحادي والعشرين من سبتمبر/ أيلول 1993 أعلن المستشار لدى مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس كلنتون «أنطوني لاك» في جامعة جون هوبكينز عن نموذج «التوسيع» كبديل نهائي عن الإخفاق في أنموذج الاحتواء، الذي كان فاعلاً في السياسة الأميركية فترة الحرب الباردة.
مثل هذا الأنموذج آنذاك الانتقال من الخيار العسكري المباشر إلى الخيار الاقتصادي للأسواق المنضبطة إدارياً، هذا ما جعل الإدارة الأميركية تركز في منطقة الشرق الأوسط تحديداً على تسويق مفاهيم اقتصادية أكثر منها سياسية، فكانت السوق الشرق أوسطية المفتوحة، والانضمامات المتسارعة لمنظمة التجارة الدولية، وتفعيل عمليات البنك الدولي وخصوصاً في الدول النامية، وصولاً إلى اتفاقات التجارة الثنائية مع الولايات المتحدة الأميركية بشكل مباشر، كاتفاق البحرين الأخير.
«لاك» بنى نموذجه الذكي على اعتماد تقسيم العالم إلى أربع نماذج فاصلة، بين القسم الاقتصادي الريادي كاليابان وأميركا، وتتوالى المستويات تباعاً وفق تنظيم امبريقي متفق عليه. المهم في الأمر أن هذه الفاعلية لسياسة «التوسيع» كانت فاعلة في البدء مع عهد كلنتون، إلا أنها أردفت في عهد بوش ببعض التدخلات العسكرية بعد حوادث الحادي عشر من سبتمبر مباشرة.
في الحقيقة، تقتضي هذه السياسة الأميركية تحول كامل المنطقة للسيطرة الأميركية بطريقة غير مباشرة، هو احتلال ناعم لا تدركه الحكومات أو الشعوب، وخصوصاً إذا ما أدركنا أن شروط هذه الاتفاقات والشراكات الاقتصادية تحتوي على الكثير من النظم التي تصب في مصلحة دول الشمال المتحكمة على حساب دولنا في الجنوب.
لنا في النموذج البرازيلي والأرجنتيني أسوة حسنة، فهما وعلى رغم الانقياد الكامل للهيمنة الاقتصادية الأميركية، وعلى رغم انضمامهما لشتى الاتفاقات الاقتصادية الدولية كما تقتضي أجندة «التوسيع» الأميركية، فإن الأحوال في هاتين الدولتين لا تحتاج إلى تحليل دقيق حتى نكتشف النتائج المدمرة لهذا التوسيع.
ما نحتاجه في البحرين هو ليس الانضمام إلى الاتفاقات الاقتصادية مع الدول الكبرى، وليس الدخول في سوق مفتوحة أو مشتركة وحسب، نحن بحاجة إلى مشروع وطني «ضخم» نحدد فيه موقعنا الاقتصادي بدقة، ونعرف فيه خياراتنا المستقبلية تحديداً أين تتمثل؟، وعندها نستطيع أن نحدد ما نحتاج أن نقوم به
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1450 - الجمعة 25 أغسطس 2006م الموافق 30 رجب 1427هـ