على رغم انه ابعد كوكب عن الأرض في نظامنا الشمسي فإن بلوتو تعرض لهجوم من علماء الفلك فقد على اثره وضعه في المعركة. إذ التقى في براغ الخميس نحو ثلاثة آلاف فلكي وعالم من جميع أنحاء العالم لتحديد ما اذا كان بلوتو الذي اكتشف في العام 1930 يتفق مع التعريف العلمي للكوكب.
واحتار الاتحاد الدولي للفلكيين في تعريفه وتحديده للمرة الأولى لماهية الكوكب بين خفض مرتبة بلوتو او اضافة 14 جرماً سماوياً آخر إلى هذه الفئة.
الا ان الجمعية العمومية للاتحاد الدولي لعلم الفضاء قررت سحب بلوتو من لائحة كواكب المجموعة الشمسية التي باتت تقتصر رسمياً على ثمانية كواكب فقط.
وتمت عملية التصويت برفع الأيدي ورفض بذلك علماء الفلك في العالم تعديلاً اقترحته الهيئة التنفيذية للاتحاد الدولي للعلوم الفلكية ويقضي بتصنيف الكواكب نوعين: «الكواكب الكلاسيكية والكواكب الاقزام»، ومع فشل هذا التعديل فإن كوكب بلوتو المصنف بين أقزام الكواكب لم يعد كوكباً كامل الصفة بحسب ما قاله أحد مقدمي التعديل ريتشارد بينزر.
وباتت المجموعة الشمسية مكونة من ثمانية كواكب وليس تسعة، هي: عطارد، الزهرة، الأرض، المريخ، المشتري، زحل، أورانوس ونبتون.
وأحدث هذا القرار صدمة للمجتمع الفلكي إذ جعل الكتب الدراسية تبدو وقد عفا عليها الزمن وأجبر المعلمين على اعادة تدريس أساسيات النظام الشمسي.
وقال الاستاذ الفخري للفلك وتاريخ العلوم في مركز هارفارد - سميثسونيان للفيزياء الفلكية اوين جنجريتش: «المسألة المحورية هي وضع بلوتو الذي يختلف كثيراً عن المشتري وزحل وأورانوس ونبتون». ويحتدم النقاش داخل المجتمع العلمي بشأن وضع بلوتو على مدى عقود بعد ان وجد ان الكوكب يبلغ واحداً من أربعمئة من كتلة الارض.
واشتد الجدل في العام 2003 عندما اكتشف فلكيون في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا جرم يو بي 313 الذي يحمل اسم زينا وهي شخصية في مسلسل تلفزيوني وهو واحد من أكثر من عشرة من الأجسام السماوية في النظام الشمسي ثبت انها أكبر من بلوتو.
وزينا وبلوتو هما جسمان ثلجيان كبيران موجودان في حزام كويبر إذ تتحرك آلاف الاجسام الطافية خلف نبتون.
وتشير الصور المأخوذة من تليسكوب هابل الفضائي إلى ان قطر زينا يصل الى 1490 ميلاً او نحوها. وهو أكبر قليلاً من بلوتو الذي يصل قطره الى 1422 ميلاً.
وإذا كان بلوتو كوكباً، فإن الجرم السماوي زينا الذي يزيد حجمه عن بلوتو بـ 30 في المئة، سيكون الكوكب العاشر في المجموعة الشمسية.
وجنجريتش هو رئيس اللجنة التي طلب منها ان تخرج بتعريف للكوكب وتسلمه للجمعية العامة للاتحاد الدولي للفلكيين التي عقدت بين 14 و25 اغسطس/ آب الجاري.
وقبل اجتماع الجمعية احتدمت المشاعر في الاتجاهين فقد ناشد البعض جماعة جنجريتش بألا يخفضوا مكانة بلوتو قائلين ان ذلك سيحبط الأطفال ويلقي بالفهم الحالي للكون في براثن الفوضى.
أما آخرون فيقولون ليحدث ما يحدث، ويبدو انهم يستسيغون فكرة تغيير الفكرة الحالية عن الكون.
صرح جنجريتش بأن التكنولوجيا الحديثة سمحت للعلماء بالغوص في اسرار النظام الشمسي بتفصيل اكثر من ذي قبل. ولذلك فليس من المفاجئ ان تبرز مسائل جديدة بشأن الافتراضات الجوهرية.
ويتساءل جنجريتش: «هل يجب ان يعتبر (بلوتو) كوكباً مثل البقية؟». لكنه رفض ان يتطرق إلى ما اتفقت عليه مجموعته المكونة من سبعة افراد بعد ان توصلت الى صياغة للبيان في يونيو/حزيران.
ويقول علماء ان المجموعة قد تستحدث فئة جديدة للكواكب مثل زينا وبلوتو والتي لا تفي بمعايير الكواكب الثمانية الأكبر. كذلك يمكنهم ان يسقطوا اعتبار بلوتو من الكواكب او يوسعوا قائمة الكواكب لتشمل اجساماً كثيرة مماثلة في الحجم اكتشفت في النظام الشمسي.
ويعتبر كوكب بلوتو الوحيد بين الكواكب التي اكتشفها فلكي أميركي، وهو منذ البداية طرح الكثير من التساؤلات بين علماء الفلك: فهو يختلف كثيراً عن الأجسام الأخرى التابعة للنظام الشمسي الصخرية (الكواكب القريبة من الشمس) أو الغازية (البعيدة عن الشمس) والتي تتبع مداراً دائرياً حول الشمس.
إلا أن بلوتو مكون من الجليد ومداره غير دائري تماماً، وطويل جداً إذ تستغرق دورته حول الشمس 247 عاماً.
كما تبين أن بلوتو أصغر مما كان يعتقد في البداية عندما اكتشفه عالم الفضاء كلايد تومبو وهو أصغر من قمرنا التابع للأرض.
ولا ينطبق هذا التحديد الذي وضعه مؤتمر براغ سوى على النظام الشمسي ما أثار خيبة أمل بعض العلماء الذين كانوا يريدون تحديداً ينطبق على الكثير من الكواكب الأخرى (نحو مئتين حتى اليوم) التي يتم اكتشافها وتدور حول نجوم أخرى غير الشمس
العدد 1450 - الجمعة 25 أغسطس 2006م الموافق 30 رجب 1427هـ