العدد 1448 - الأربعاء 23 أغسطس 2006م الموافق 28 رجب 1427هـ

لماذا تساند الولايات المتحدة «إسرائيل»؟

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

مارست الولايات المتحدة حق الرفض (الفيتو) ضد الكثير من قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للحد من السيطرة الإسرائيلية، وقدمت للدولة اليهودية معونات أكثر بكثير لكل مواطن مما قدمته لأية دولة أخرى في العالم، وسلحتها بأسلحة يمنع إعطاؤها لأية دولة أخرى، وتبدو متحيزة بتصميم وعزم إلى جانب الإسرائيليين. هذا الحب الأعمى لـ «إسرائيل» لا تديره استطلاعات الرأي العام في الولايات المتحدة ولا تفهم عميق لمواطني الشرق الأوسط من قبل الأميركي العادي. إنه تجسيد لسلطة اللجنة الأميركية الاستراتيجية للشئون العامة والمعروفة بالأحرف ,AIPAC أو اللوبي الإسرائيلي. على عكس ما يظنه معظم العرب تقريباً في كل مكان، الأميركي العادي لا يعرف سوى القليل جداً عن الشرق الأوسط، فلسطين أكانت أو العراق أو لبنان. قبل الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول لم يكن الأميركي العادي يعرف شيئاً عن المنطقة أبداً، ومازال لا يعلم ما يكفي. الأميركيون ينتخبون ممثليهم في الكونغرس ومجلس الشيوخ ليتكلموا نيابة عنهم، وهم لا يهتمون إلا بالوضع المحلي وسياساته. في الديمقراطيات، بعكس الدكتاتوريات إذ الجميع جهبذ في السياسة، يترك الناس السياسة للسياسيين ويهتمون بحياتهم الخاصة. عند انتخابهم الرئيس يأخذ الاقتصاد الاعتبار الأول. العرب عموماً، الذين يرون الأميركيين وأميركا متحيزة بشكل كامل إلى «إسرائيل»، لا يستطيعون فهم هذا الإهمال الظاهر لقضايا يعتبرونها عادلة، ويقومون في النهاية بإلقاء اللائمة على الشعب الأميركي. لتفسير السياسة الأميركية الخبيثة تجاه «إسرائيل»، يخترع العرب مؤامرات أميركية ويتكلمون عن رغبة أميركا السيطرة على نفطهم وعلى المنطقة. العرب بذلك يتخذون توجهاً اختزالياً، ويسمون الشعب الأميركي الشيطان الأكبر، وهو اتهام لا يستحقه الأميركيون. ما يفشل العرب إجمالاً في فهمه هو أن الرأي العام في الولايات المتحدة غير مهم وعدالة قضيتهم لا أهمية لها وأن كل عمل يقومون به ومحاولة للتأثير، إذا لم يكن موجهاً نحو الأدلة السياسية الأميركية لن يكون له أثر. الجمهور الأميركي ببساطة لا يعرف، ولا يهمه أن يعرف، وحتى لو عرف فإن توجهه سيكون لا مبال كما هو الحال في أوروبا. هذه نتيجة محزنة ولكنها صحيحة. دول الاتحاد الأوروبي، وبسبب قربها من المنطقة، ولأسباب أخرى، تعرف أكثر عن مشكلاتها وهي إجمالاً أقل تحيزاً في إعلامها ووجهات نظرها، ولكنها في أفضل الحالات لا تفعل سوى المجاملة. لم يجسد الدعم الأوروبي نفسه بدعم القضايا العربية العادلة كتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 242 الذي ينص على الانسحاب من الأراضي المحتلة ووضع حد لأعمال العداء ضد لبنان. رأي عام في الولايات المتحدة لن ينتج عنه في أفضل الأحوال سوى نتائج مماثلة وتعاطف. ما نحن بحاجة إليه في الواقع هو إدارة أميركية تدعم القضايا العربية. الإجابة يمكن الحصول عليها في منظمة مثل AIPAC، بقاعدة مشاركين تبلغ مئة ألف شخص، تجتمع بانتظام مع أعضاء الكونغرس وتقيم المناسبات حيثما تستطيع المشاركة بوجهات نظرها معهم. وهي تملك سجلات التصويت للممثلين الفيدراليين والشيوخ من حيث كيف صوتوا على التشريعات المتعلقة بـ «إسرائيل». وهي لا تنسى ولا تسامح أبداً. وهي لا تساند سوى المرشحين للكونغرس الذين يدعمون «إسرائيل». بين الأعوام 1978 و2000 تبرعت AIPAC بشكل مباشر بنحو 35 مليون دولار إلى 1732 مرشحاً للكونغرس. المعونة الرسمية منذ العام 1948 زادت على 103 مليارات دولار. تتجسد قوة AIPAC في الدعم الذي حصلت عليه لـ «إسرائيل» بين أعضاء الكونغرس وإدارات البيت الأبيض منذ ستينات القرن الماضي. المرشحون للكونغرس والمتقدمون من أنصار «إسرائيل» يحصلون على تمويل لحملاتهم وإعلام جيد من خلال شبكة من المؤسسات المساعدة لـ AIPAC والمنظمات ومؤسسات الإعلام، بينما يستهدف الساسة الذين لا يساندون السياسات التي تعود بالفائدة على «إسرائيل» لتغييرهم واستبدالهم بالمؤيد لـ «إسرائيل». AIPAC لا تنسى، حتى يتم وضع اعدائهم على القائمة السوداء، كل ما يحتاجه المرء هو تصديق غير مساند على سياسة تساند «إسرائيل». دعمها في انتخابات حساسة قد يقرر النتيجة. أعضاء الكونغرس يعرفون ذلك وهم ينصتون ويتصرفون بحسب ذلك. الجمهور لا يهتم بكيف صوت ممثله عن قضايا الشرق الأوسط ببساطة لأن أموراً كهذه غير مهمة لهم ولا تؤثر على حياتهم اليومية. البيت الأبيض، وهو على علم بسلطة AIPAC وقدرتها على تجنيد أعضاء الكونغرس، يسحب الخيط وإلا فإن مشروعات القوانين المهمة لا تنجح أبداً. عندما تكون الهوامش مشدودة يصبح كل صوت في الكونغرس له أهميته. عندما يكون لرئيس أميركي أجندة عن قضية في الشرق الأوسط فهو يعرف أن دعم الكونغرس يمكن تحويله من خلال AIPAC. وعندما يتخذ رئيس ما موقفاً متصلباً بشأن «إسرائيل» فهو يعرف أن أجندته المحلية ستواجه من العقبات أكثر ما يستطيع أن يتعامل معه مع الكونغرس. الأسوأ من ذلك أنه عندما تأتي سنة الانتخابات فهو سيعاني بالتأكيد إذا لم يدعم «إسرائيل». باختصار، الوقوف أمام AIPAC انتحار سياسي وخصوصاً عندما تكون إدارة البيت الأبيض ضعيفة. لذلك يجب ألا يستغرب العرب أنه في 18 يوليو/ تموز الماضي وافق مجلس الشيوخ بغالبية على قرار غير ملزم «يدين حماس وحزب الله والدول التي تدعمها وترعاها ويدعم ممارسة (إسرائيل) لحقها بالدفاع عن النفس». وكما قال مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس كارتر زبغنيو برازيزينسكي، قامت AIPAC فعلياً بكتابة القرار. الناحية العليا للموضوع أنه إذا أراد العرب موقفاً أكثر اعتدالاً من الإدارة الأميركية فإنه يتوجب أن يكون لهم مؤسسة تأثير قوية في واشنطن بدلاً من الاعتماد على الرأي العام. الرأي العام في الولايات المتحدة لا أهمية له. فهو غير مهم ولم يكن مهماً في يوم من الأيام.

يوسف منصور

*الشريك المدير لمجموعة انفجن للاستشارات (EnConsult)، والمقال ينشر بالتعاون مع خدمة «كومن غراوند

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 1448 - الأربعاء 23 أغسطس 2006م الموافق 28 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً