العدد 1448 - الأربعاء 23 أغسطس 2006م الموافق 28 رجب 1427هـ

ميناء فينيقي عريق يصارع بقعة نفط في لبنان

نجا ميناء جبيل اللبناني من الرومان والحملة الصليبية وجيوش الاسكندر الأكبر لكنه الآن يواجه خطراً من نوعية مخاطر القرن الحادي والعشرين جلبته الحرب الى شواطئه التلوث النفطي. فقد سببت بقعة نفط من جرّاء قصف «إسرائيل» لمحطة للكهرباء الشهر الماضي خلال حربها على لبنان مداً أسود على امتداد 140 كيلومتراً من الساحل.

قليلة هي الأماكن التي تضررت بدرجة أكبر من جبيل التي يعود تاريخها إلى سبعة آلاف عام وتقع على بعد 35 كيلومتراً شمالي بيروت.

يرتطم النفط السميك الأسود بالحائط الحجري العتيق للميناء تحت ظل برج للمراقبة يرجع تاريخه إلى القرن الثالث عشر. العمال يستخدمون حفاراً ميكانيكياً لرفع النفط من المياه ويلقونه في صهاريج بلاستيكية على الأرض المحاذية لرصيف الميناء.

من هنا ينقل إلى بيروت ليخلط بالحصى والحجر لصناعة مواد للبناء. معظمه سيستخدم في اصلاح الطرق التي دمرها القصف الاسرائيلي خلال الحرب التي انتهت بهدنة دعمتها الامم المتحدة في 14 اغسطس/ اب.

وقال نبيل سعد من مجلس بلدة جبيل «منذ بدأنا رفعنا اكثر من 100 طن من النفط من هذه المياه. ما زال أمامنا عمل يستغرق عدة أيام أخرى». على بعد اكثر من كيلومتر بقليل على الشاطئ يزيل نحو 100 متطوع الرمال التي تحولت إلى اللون الأسود من على الشواطئ التي كانت بيضاء ذات يوم.

كانت الغارات الجوية الإسرائيلية على خزانات الوقود في محطة كهرباء الجية جنوبي بيروت في 13 و15 يوليو/ تموز قد أدت الى تسرب ما يقدر بما بين 10 الاف و15 ألف طن من الوقود الثقيل إلى البحر المتوسط وفقا لتقديرات الأمم المتحدة والتقديرات اللبنانية.

ويقول معنيون بشئون البيئة إن هذه البقعة قد تضر بالدلافين واسماك التونة والسلاحف البحرية ضخمة الرأس.

تخرج السلاحف الصغيرة من البيض الذي يفقس على الساحل اللبناني كل صيف ثم تزحف فيما بعد نحو البحر. ويخشى نشطاء من أنها حين تصل هناك سيموت بعضها في المد الأسود المميت.

كان الحصار الجوي والبحري الذي فرضته «إسرائيل» على لبنان منذ بداية الصراع الذي استمر لأكثر من شهر قد عقد عملية التنظيف في بادئ الأمر مما جعل من الصعوبة بمكان تقييم حجم البقعة.

وهذا الأسبوع أعطت «إسرائيل» لخبراء البيئة التابعين للامم المتحدة تصريحا للقيام بمسح جوي للتسرب الذي وصفه يعقوب الصراف وزير البيئة اللبناني بأنه أكبر كارثة بيئية في تاريخ لبنان.

وقارن برنامج الأمم المتحدة للبيئة بين هذا التسرب وكارثة وقعت العام 1999 قبالة ساحل فرنسا حين سربت الناقلة ايريكا ما يقدر بـ 13 ألف طن من النفط الى البحر.

وقال الاستاذ بجامعة الاسكا ريك ستاينر والذي يقدم المشورة للحكومة اللبنانية بشأن التسرب النفطي «نعتقد أنها نحو 15 ألف طن وهو تسرب كبير بالمقاييس العالمية» ستاينر الذي ساهم بجهود خلال أزمات بعض أسوء بقع النفط في العالم ومن بينها كارثة ايكسون فالديز العام 1989 في الاسكا قال للصحافيين: إن البقعة الموجودة في لبنان واحدة من أسوأ ما رأى.

وقال ستاينر «كنت على الساحل هنا في بيروت هذا الاسبوع. كل ما عليه من بطلينوس ولافقاريات وطحالب وأسماك وسلطعون وبلح البحر كان ميتاً». ومما يعقد عملية التنظيف أن البقعة بقعة وقود ثقيل.

وقال ستاينر: «انها تتحرك بطرق تختلف عن النفط الخام فهي اكثر سمكاً ولا تتبخر بنفس السهولة». ويقول بعض المعنيين، بشئون البيئة ان التسرب امتد شمالاً ليصل الى سورية بل انه حتى وصل الى شرق تركيا.

وبعد أن أعطت «إسرائيل» التصريح قال برنامج الامم المتحدة للبيئة انه يجب القيام بطلعات مراقبة جوية بأسرع وقت ممكن. ووافقت الأمم المتحدة على خطة عمل للتعامل مع التسرب لكنها تقول: انها تحتاج الى جمع 50 مليون يورو 64,18 مليون دولار لسداد النفقات.

وفي جبيل الذي كان ذات يوم ميناء فينيقياً وواحداً من أنشط مراكز التجارة في شرق البحر المتوسط ساهمت البقعة في الاضرار بصناعة السياحة التي ألحقت بها الحرب أضراراً بالغة بالفعل. فالمقاهي والفنادق المطلة على البحر خاوية. والأسرة التي كان مرتادو الشاطئ يستلقون عليها تحت الشمس ملقاة من دون أحد ليستخدمها بجوار المياه التي غطاها النفط.

وعلى بعد 48 كيلومتراً إلى الشمال في جزيرة قبالة الساحل هي محمية طبيعية نظف معنيون بشئون البيئة الرمال في محاولة لانقاذ السلاحف التي ينتظر أن تفقس في أي يوم.

وقالت مديرة معهد البيئة بجامعة بالاماند بشمال لبنان منال نادر «هناك 16 عشاً للسلاحف في المحمية. نأمل أن يؤدي تحركنا إلى نجاتها».


غواصو الإمارات مستعدون للتعامل مع التسربات النفطية في لبنان

قالت جمعية الإمارات للغوص إنها تعكف على إعداد إمكاناتها لتلبية نداء المتخصصين والمشتغلين في العمل البيئي في لبنان لمساعدتهم على التخلص من آثار التلوث الشديد الذي حل بالبحر والشواطئ اللبنانية جراء أسابيع من الصراع المرير، ليباشر المئات من الأعضاء الجاهزين في الدولة، مهمتهم الإنسانية بمجرد تلقيهم الإذن بذلك بعد توقف عمليات القصف.

وقالت الجمعية في بيان إنه لا يمكن أن نغفل أن البيئة الطبيعية تشكل إحدى الضحايا الأخرى الصامتة لهذه الحرب، فضلاً عن أن هنالك نقصاً في الخبرات والمعدات اللازمة للتعامل مع التسربات النفطية والنفايات البحرية الخطيرة. وقد أبدى المتطوعون في جمعية الإمارات للغوص حماساً كبيراً تجاه هذا العمل، إذ تم تجهيزهم بـ «أكياس رفع» من شرطة دبي، فضلاً عن أنهم يحظون بدعم من غواصين يتمتعون بخبرة كبيرة في عمليات التنظيف في أنحاء العالم كافة.

وكانت الجمعية، التي تضم في عضويتها الآن 650 عضواً و33 مركز غطس، أول جمعية للغوص تقوم بالمساعدة على عمليات التنظيف في تايلند عقب كارثة التسونامي التي ضربت آسيا في ديسمبر/ كانون الأول العام 2004

العدد 1448 - الأربعاء 23 أغسطس 2006م الموافق 28 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً