العدد 1448 - الأربعاء 23 أغسطس 2006م الموافق 28 رجب 1427هـ

مارسيل خليفة... ماجدة الرومي... وجوليا بطرس

في زمن الحرب تعود أغانيهم إلى الواجهة

لم يبعدهم زمن الغناء الهابط عن الساحة الفنية، بل ظلت أصواتهم هي المفضلة عند عشاق الفن الملتزم، وعند القادرين على التمييز بين الفن الحقيقي وغيره من الفنون التي تستمد وجودها من تفاصيل أخرى بعيدة عن الفن. مارسيل خليفة، ماجدة الرومي، وجوليا بطرس، أسماء نعرفها جيدا لأنها لا تغيب عن ذاكرتنا، وإن غابت فإنها تعود بحضور قوي يميزها من غيرها من الأصوات مارسيل خليفة الفنان الأكثر جمهورا بين مختلف الأجيال، مؤلف موسيقي ومغنٍّ وعازف عود يعتبر مارسيل أحد أهم الفنانين العرب الملتزمين بقضيته، عرف مارسيل دائماً بأغانيه التي تأخذ الطابع الوطني، وبأسلوب دمجه بين الموسيقى العربية والآلات الغربية كالبيانو اعتقل على يد الاحتلال وتعرض للتعذيب في بداياته كان منتميا إلى الحزب الشيوعي (على رغم أنه لم يلتزم به بشكل دائم) وكان ومازال مؤمنا ومدافعا عن القضية الفلسطينية. هذا الايمان الذي رافقه في أغانيه وموسيقاه على رغم أن طابع الموسيقى قد اختلف بشكل واضح بحسب مراحل حياته من الحرب الأهلية اللبنانية والنضال الفلسطيني إلى مرحلة السلم خلال نهايات السبعينات والثمانينات.

لحن مارسيل أولا قصائد الشاعر الفلسطيني محمود درويش مطلقا ظاهرة غناء القصيدة الوطنية الفلسطينية التي تمتزج فيها صورة المرأة الحبيبة بالأرض والوطن أوالأم والوطن معا، كانت البدايات مع «ريتا والبندقية» و«وعود من العاصفة» واستمرت لسنين محققة مزجا رائعا بين العود وشعر درويش الرمزي الوطني العاشق فكانت «أمي» وكانت «جواز السفر» أفضل شعارات تحملها وترددها الجماهير العربية المنادية بالنضال في فترة ما بعد النكسة شكل مارسيل ودرويش أقرب ما يشبه الثنائي في أذهان الناس، على رغم أنهما لم يلتقيا إلا في فترة متأخرة. لحن مارسيل أيضا لشعراء آخرين مثل حبيب صادق وطلال حيدر «تصبحون على وطن» و«قومي طلعي عالبال» استطاع مارسيل أيضا إدخال الساكسفون إلى الموسيقى العربية في واحدة من اهم أغانيه «يعبرون الجسر» وعبر عن ميوله الشيوعية بقوة في «قصيدة الخبز والورد».

ماجدة الرومي التي حضرت حديثاً بقوة في أغنيتها «شوف شوف يا حبيبي شوف» التي عرضت بفيديوكليب مميز يدمج بين القديم والجديد، تحضر الآن بقوة على الفضائيات اللبنانية والعربية، هي التي غنت قصيدة نزار قباني «يا ست الدنيا يا بيروت» وغيرها من الأغاني الوطنية التي شكلت بصمة في ذاكرتنا يتماشى صوتها القوي وأغنياتها العذبة مع المحنة التي يتعرض لها لبنان في حرب قاهرة يحتاج الناس لمقاومتها والصمود فيها إلى أصوات كثيرة ترتفع عاليا لتشدد من أزرهم ماجدة التي نشأت في ضيعة لبنانية نموذجية بطرقاتها الجبلية الضيقة وعين المياه وشجر الزيتون وكروم العنب والبيوت المتلاصقة تعكس جميع هذه التفاصيل في غنائها الذي لا يبتعد بشفافيته وصدقه عن هذا الجو، إذ تشكل بينها وبين هذه البيئة علاقة حميمة وترسخ بداخلها وفي قلبها نموذج للبنان البكر قبل أن تخدشه الحروب.

هي ابنة الموسيقار حليم الرومي التي شبت في عائلة فنية ساهمت في اتجاهها نحو الفن حرصت خلال مسيرتها الفنية على المحافظة على تقديم فن راق سواء في زمن الحرب اللبنانية السابقة أم في زمن السلم، غنت ماجدة الرومي قصيدة «كلمات»، «طوق الياسمين» و«مع الجريدة» لنزار قباني، وغنت «كن صديقي» لسعاد الصباح كما برزت في عدة أغنيات وطنية مثل «قوم تحدى» أو«سيدي الرئيس» و«قانا» كما غنت لمحمود درويش قصيدة «سقط القناع».

أما جوليا بطرس الفنانة الشابة التي كان أول ظهورها الفني العام 1984 أيام الاجتياح الإسرائيلي على لبنان في أغنية «غابت شمس الحق» ثم غنت «وين الملايين» وتتالت أغنياتها الوطنية من تلحين أخيها زياد بطرس، كما غنت جوليا بعض الأغنيات التي تنطلق من فكرة الحنين لزمن ما مثل أغنية «يا قصص عم تحمل أسامينا» وأيضا الاغنية التي كان لها صدى مميز «وين مسافر». جوليا التي تحولت في مسارها قليلا أيام السلم لتطلق بعض الأغنيات ذات الطابع الرومانسي مثل أغنية «على شو»، «اتعودنا عليك» و«لا بأحلامك» إلا أنها ظلت محافظة على مستوى فني معين يحرص على اختيار اللحن والكلمة. لا تخفي جوليا أعجابها بمارسيل خليفة بل تقول عنه: «كنت على طول أردد بالبيت أغاني مارسيل خليفة»، يعني كانت ومازالت من أشد المعجبين بفنه وبطروحاته وخصوصاً بالشعر الذي كان يختاره، شعر متميز كثير، راق كثير، غير مباشر بالوقت نفسه فيه حنين وفيه رؤية، مارسيل خليفة يعني الوطن أو صورة الوطن الذي يجب أن يكون. وتحرص جوليا دائماً على التعبير عن احتجاجها على ما يجري في الوطن العربي من حروب وموت ودمار سواء في العراق أم فلسطين أم لبنان، وفي أحد حواراتها قالت: لقد عودوا المتلقي العربي على مشهد المجزرة، يعني صار عاديا إنه مثلا تفتح التلفزيون بتشوف صار مجزرة بمخيم بالضفة أو بالعراق أو مطرح ما كان، ترجع تقلب على فيلم أو بتقلب على أغنية فيديوكليب مثلا، يعني شوف المستوى وين صرنا، طبعا مش أنا ما عم بحكيك علياء، أنا عم بحكيك على يعني الجو العام للمتلقي العربي صار بالنسبة له الموت يعني لازم يموت له شيء تسونامي لازم يعني تسونامي لازم يصير بالوطن العربي حتى ما حد ينهز وهلا إذا ما صار مئتي ألف قتيل، يعني مئة عادي.

مارسيل، جوليا، ماجدة طبعا بالإضافة للرافد العظيم الأول فيروز ومسرح الرحابنة، فنانون يقدومون وجها مشرقا للفن اللبناني القائم على الابداع والأصالة، فلماذا يكون الأخلاص لهم في زمن الحرب فقط؟

العدد 1448 - الأربعاء 23 أغسطس 2006م الموافق 28 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:08 ص

      السيدة جوليا بطرس نجمة لامعة في سماء الفن...والاخلاص لها لا يكون في زمن الحرب فقط...انما نحبها دائما وما في يوم يفوت من غير ما اسمع صوتها

اقرأ ايضاً