ضمن رؤية خاصة، أكثر ما علق في ذاكرتي من أدوار حياة الفهد، يتحدد في فيلم "الصمت" الذي أدت فيه دور البطلة مع أحمد الصالح، علي البريكي، وخالد النفيسي، فعلي رغم بساطة الدور فإنه كان إيذاناً بميلاد نجمة خليجية استثنائية.
ولأن السينما في الخليج تنجب مولوداً كل ثلاثة أو أربعة عقود، لن تنتظر الفهد دوراً يسند اليها بعد أن تكون على مشارف الشيخوخة والخرف، فكان لابد من خيارات أكثر عملية وحضوراً، وربما تأثيراً: الدراما، والمسرح.
في الدراما ظلت نجمة لأنها مع مرور الوقت كانت تتعامل مع الدور، كما تتعامل مع يومياتها في الحياة، بمعنى آخر، كانت لا تمثل الأدوار الموكلة اليها بقدر ما تجسدها... تعيشها كما يجب. ظلت متألقة، وذات حضور جذاب، لكن السقوط قدر يمكن لأي منا أن يستثمره بما يعود عليه بالنهوض ثانية أكثر قوة وصلابة واصراراً.
الفهد استمرأت لعبة النجومية بعد عشرات البطولات في عدد من المسلسلات الكويتية والخليجية. ظلت تذكرنا في كثير من أعمالها بالفنانة المصرية الراحلة أمينة رزق، وعلى رغم ريادتها ونجوميتها وأدائها الرائع، فإن سمة إعادة انتاج الاحساس بالدور، يكاد يكون وقفا على العرب وحدهم. الانفعالات ذاتها... الصراخ ذاته... والدموع ذاتها أيضا! والكاميرا في النهاية تظل متواطئة وغبية في اعادة انتاج تلك الانفعالات والأحاسيس، بغض النظر عن زوايا التقاط تلك الكاميرا للحظة الانفعال أو موضوعه.
ما يجب الاشارة اليه، أن حياة الفهد واحدة من أ:ثر خلق الله "خفة دم" وكذلك هو الحال مع الراحلة أمينة رزق، الا أن الأدوار المسندة اليهما تكاد تنحصر في القاتم من الحياة والانفعالات، على رغم أن الفهد في مسلسلات "خرج ولم يعد"، و"على الدنيا السلام" و"خالتي قماشة" التي جمعتها بالفنانة سعاد عبدالله، وغانم الصالح. في المسلسل الأول، كشفت عن المخبوء من التهكم والسخرية و"القفشات" وأحياناً "الكوميديا السوداء" اليت تنم عن طاقة وامكانات خلاقة، في الوقت الذي كشفت فيه المسلسلات تلك عن درجة أقل من "خفة الدم" لدى الفنانة سعاد عبدالله.
حصر الأعمال الغارقة في انفعالات ودموع وصراخ وشتائم وعنف بالجملة في الأعمال التي أدتها الفهد، ليس هو المسألة، بقدر ما ان حقيقة تنميط وإعادة انتاج الأدوار في تلك الأعمال هو السمة البارزة فيما يسند اليها من أعمال.
في المسرح الأمر مختلف تماماً، اذ ربما نجحت الفهد في عملين مسرحيين أو ثلاثة مع الفنانين عبدالحسين عبدالرضا، وسعد الفرج، وخالد النفيسي في الثمانينات من القرن الماضي، لكن مع بداية التسعينات، وخصوصاً بعد تحرير دولة الكويت من الاحتلال العراقي، أخذت الأمور منحى تسييسياً لم تحقق معه الفهد في المسرح أي نجاح يذكر، بل على العكس، أعادتها النقلة التي وجد المسرح الكويتي نفسه فيها، الى ما يشبه التراجع الحاد على مستوى الأداء والدور، باستثناء أعمال قليلة استطاعت الفهد أ، تمرر شيئا من طاقتها المخبوءة على المسرح بقفشاتها الحادة والذكية، وذلك وحده لا يكفي كي تستوطن ذاكرة جمهور مصاب بداء النسيان
العدد 1448 - الأربعاء 23 أغسطس 2006م الموافق 28 رجب 1427هـ