يتأمل موضوع هذا الأسبوع والذي ينشر على مدى يومين متتاليين مسألة التحدي الديمغرافي في البحرين وذلك على خلفية نشر الجهاز المركزي للمعلومات أرقام العام 2005. بحسب الإحصاءات الرسمية بلغ عدد السكان في البحرين في العام 2005 تحديدا 724645 نسمة بزيادة 17485 فرداً عن العام 2004. وجاءت هذه الزيادة على خلفية انضمام 10282 مواطناً فضلا عن 7203 أجنبي إلى السكان.
من جهة أخرى، بلغ عدد المواطنين 448491 فرداً يمثلون 62 في المئة من عدد السكان. بالمقابل بلغ عدد الأجانب 222304 أشخاص أي 38 في المئة من السكان. وتشير الإحصاءات المرتبطة بالعام 2005 إلى احتفاظ النمو السكاني في البحرين بمعدلاتها السابقة المرتفعة ما يعني استمرار الضغوط على الحكومة لتوفير الخدمات الضرورية للسكان من قبيل الصحة والتعليم. فقد قدر حجم النمو السكاني بـ 2,5 في المئة بيد أنه بلغت نسبة النمو 2,3 في المئة لدى أفراد الشعب البحريني مقابل 2,7 في المئة عند الأجانب. بمعنى آخر كان للأجانب دور أكبر من المواطنين في النمو السنوي للسكان.
كثافة سكانية مرتفعة
بالأخذ بالمعايير الدولية يمكن القول إن عدد السكان في البحرين يفوق القدرة الاستيعابية لمساحة البلاد. فعند تقسيم عدد السكان (نحو 725 ألف نسمة) على مساحة البحرين (718 كيلومتراً مربعاً) يتبين لنا أن الكثافة السكانية في حدود 1000 فرد للكيلومتر المربع الواحد. بل تعتبر هذه النسبة واحدة من أعلى النسب في العالم بعد بعض سنغافورة وهونغ كونغ ومناطق محدودة أخرى. أما على مستوى دول مجلس التعاون فيلاحظ أن الكثافة السكانية تقف في حدود 73 فرداً للكيلومتر المربع الواحد في دولة قطر وهي ثاني اصغر دولة خليجية بعد البحرين فضلا عن 13 فرداً للكيلومتر المربع الواحد في المملكة العربية السعودية والتي بدورها أكبر دول خليجية.
المؤكد بأن آخر شيء تحتاج إليه البحرين هو الزيادة العددية للسكان عن طريق منح الجنسية البحرينية للآخرين. وتعد هذه المسألة خطيرة في ضوء ظهور تقارير في الأسابيع والشهور القليلة الماضية ترشح حصول المزيد من الأجانب على الجنسية البحرينية. فالكثافة السكانية في البحرين تفوق القدرة الاستيعابية لمساحة البلاد حتى مع عدم وجود أي أجنبي (هناك نحو 449 ألف مواطن الأمر الذي يترجم إلى كثافة سكانية قدرها 624 فرداً للكيلومتر مربع).
نسبة الإعالة
من جهة أخرى، تعاني البحرين من مشكلة الإعالة (أي عدد الأفراد في القوى العاملة مقارنة بحجم السكان) في أوساط المواطنين. بحسب الإحصاءات المتوافرة هناك نحو 140 ألف بحريني في القوى العاملة (عدد الأفراد العاملين في القطاع الخاص فضلا عن القطاع العام بشقيه المدني والعسكري) إضافة إلى العاطلين مقارنة بـ 449 ألف مواطن في عدد السكان. وهذا يعني بأن نحو 31 في المئة من السكان فقط هم في عداد القوى العاملة (مقارنة بنحو 50 في المئة في الولايات المتحدة). ويفهم من هذه الأرقام بأن كل بحريني عامل مسئول عن تأمين لقمة العيش لثلاثة أفراد (والعكس بالعكس في حال خسارة البحريني لوظيفته). لا شك أنه لأمر غريب أن نرى طابوراً من العاطلين مع وجود نسبة كبيرة من المواطنين خارج القوى العاملة. بل ان مستقبلا صعبا ينتظر البحرين في ضوء النمو السكاني ودخول أعداد كبيرة من البحرينيين إلى سوق العمل في حال استمرار فشل الحكومة في معالجة ظاهرة البطالة والتأكد من المزيد من الفرص الوظيفية للمواطنين.
ضخامة التحديات
تؤكد الإحصاءات الحيوية الحاجة الماسة للتخطيط المستقبلي للبلاد. فعشرات الآلاف من الشباب سينضمون إلى سوق العمل في غضون السنوات القليلة المقبلة. وقد تبين من أرقام المشروع الوطني للتوظيف أن هناك نحو 14 ألف مواطن عاطل عن العمل في الوقت الحاضر.
ان من جملة ما يثيره معدل النمو السكاني المرتفع نسبيا هو التخوف من عدم قدرة الاقتصاد البحريني على إيجاد أكبر عدد ممكن من الوظائف للداخلين الجدد لسوق العمل. تجدر الإشارة إلى أن مشروع سوق العمل يؤكد على ضرورة إيجاد 10 آلاف وظيفة سنوية للداخلين الجدد لسوق العمل والعاطلين الحاليين. حقيقة أن مسئولية السلطة كبيرة فيما يخص الإتيان بخطط تنموية تتناسب والنمو السكاني في البحرين. بل ان عدم القيام بالتخطيط يعني فيما يعني الهروب من المسئولية وفتح الباب على مصراعيه لظهور مشكلات ربما لا يمكن السيطرة عليها في المستقبل. وعلى هذا الأساس نرغب في تسجيل تأييدنا لخطة مجلس التنمية الاقتصادية في الترتيب لدراسة شاملة عن الخيارات الاقتصادية للبحرين حتى العام 2005، ومن المنتظر أن يتم نشر تفاصيل التقرير في العام 2007.
وللحديث صلة في المقال القادم
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1447 - الثلثاء 22 أغسطس 2006م الموافق 27 رجب 1427هـ