توجد لدينا في البحرين هيئتان متخصصتان في تنظيم أسواق ناجحة، فالأولى هي «مؤسسة نقد البحرين» التي ستتحول إلى مصرف مركزي، وهي المسئولة عن تنظيم سوق المال والصرافة، والتي تعتبر الأنجح على مستوى الشرق الأوسط.
لدينا أيضاً «هيئة تنظيم الاتصالات» التي أشرفت على تحرير سوق الاتصالات قبل ثلاث سنوات، ومديرها العام (اندياس أفوغاستي) ستنتهي فترة عمله هذا الشهر، ونأمل أن يتسلمها من بعده من هو مؤهل لمثل هذه المهمة لكيلا نخسر الإنجازات التي تحققت إلى حد الآن، خصوصاً مع بروز اختلافات بين الهيئة وشركات الاتصالات وصلت حديثاً إلى أروقة المحاكم.
ولكن كنا نتوقع أن تنشأ هيئات تنظيمية محترفة أخرى في مجالات لا تقل أهمية عن أسواق المال والصرافة والاتصالات. فلقد بدأت الحكومة بخصخصة محطات إنتاج الطاقة، ولكن من دون وجود هيئة لتنظيم سوق الطاقة، وهذا يخالف الأعراف التي تتبعها الدول التي نجحت في الخصخصة. وهناك حديث عن طرح الحكومة مناقصة كبيرة لمحطة خاصة ثالثة العام المقبل لإنتاج ما بين 3000 إلى 4000 ميغاوات يومياً، ولكن لم نسمع حتى الآن عن هيئة لتنظيم سوق الطاقة.
الحال أيضاً يتكرر في قطاع المواصلات، إذ تمت خصخصة حافلات النقل العام من دون وجود هيئة لتنظيم السوق المحررة، وهناك حالياً مشكلات عدة نتجت عن ذلك. ومفهوم الخصخصة يعتمد على مبدأ ابتعاد الحكومة عن إدارة الاقتصاد، وأن تتخصص في مجال الضبط والتنظيم فقط عبر هيئة مستقلة ومحترفة.
هناك حديث قديم أيضاً عن خطة لخصخصة البريد، لأنها خدمة مربحة حالياً، ولكن الحديث ليس له خطة واضحة، وليس معلوماً فيما إذا كانت هناك نية لإنشاء هيئة محترفة ومستقلة لتنظيم سوق البريد بعد تحريرها.
إن أملنا ألا تتأخر برامج تصب مباشرة في تنشيط الاقتصاد، وجميعنا يعلم كيف تحركت البيئة الاقتصادية بعد تحرير الاتصالات، وهذا يمكن أن يتكرر في حال تواصلت الجهود وتضافرت باتجاه تحرير الأسواق الأخرى، وتحويل دور الحكومة من الجانب الإداري البيروقراطي (الذي لا يهمه الربح أو الإنتاجية أو الكفاءة)، إلى الجانب التنظيمي المحترف الذي يسلّم قيادة الاقتصاد إلى القطاع الخاص
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1447 - الثلثاء 22 أغسطس 2006م الموافق 27 رجب 1427هـ