العدد 1446 - الإثنين 21 أغسطس 2006م الموافق 26 رجب 1427هـ

«انتصار» حزب الله في عيون الإيرانيين

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

مر اسبوع على إعلان توقف الحرب العدوانية على لبنان ولم يتوقف الإيرانيون عن الإشادة بنتيجة هذه الحرب التي لم يحقق فيها الإسرائيليون أهدافهم المعلنة، فهم معنيون على أكثر من صعيد بنتائج هذه الحرب، كما انهم متهمون عموما بأنهم وراء هذه الحرب، مع ان ذلك شرف لا يدعونه وعار لا يتبرأون منه لو صحت تلك التحليلات التي سوقتها دوائر كثيرة، من واشنطن إلى تل أبيب، مرورا بالكثير من الصحف والجهات والعواصم العربية.

في مساء اليوم الذي توقفت فيه الحرب، الاثنين الماضي، نزل الكثير من الإيرانيين إلى الشوارع بصورة عفوية يرفعون أصواتهم بالتكبير ابتهاجا بهذا النصر. في مشهد مثلاً، أربعة ملايين نسمة، كان السائح يفاجأ بمظاهرة صغيرة يتقدمها عدد من رجال الدين، وبعض الشباب الملتحي، وبعد نصف ساعة، يفاجأ بمسيرة من السيارات والموتورسيكلات، وسيلة المواصلات المستخدمة على نطاق واسع في المدن الإيرانية، يلوح فيه الشباب بأعلام حزب الله وصور قائده حسن نصر الله.

هذا المنظر كان ينقله التلفاز المحلي، بينما القنوات الأخرى تنقل صورا مشابهة لما حدث في بعض المدن الإيرانية من مظاهر ابتهاج شعبي إذ توزع الحلويات على السيارات والمارة، من إيلام وأذربيجان الغربية شمالا، إلى بندرعباس جنوبا.

في مشهد أيضا، كان إمام الجماعة يدعو في الصلاة اليومية ويطيل الدعاء بالنصر «للمقاومة الإسلامية والصبر لأبطال الإسلام المؤمنين وجنوده الموحدين، وهزيمة جحافل المعتدين»، ويحث المصلين على التبرع لإخوانهم في لبنان. وهو الموضوع الذي حاز على مساحة مهمة من خطب يوم الجمعة التالية.

على الجانب الرسمي، كانت الفعاليات المختلفة تبدأ بالتبريك لحزب الله والإشادة بإنجازه الكبير ضد النظام الصهيوني في «إسرائيل». مرشد الجمهورية السيدعلي الخامنئي أرسل خطابا لقائد الحزب. رئيس الجمهورية محمود احمدي نجاد كان في جولته الحادية عشرة على أقاليم البلاد، تطرق للإشادة بحزب الله وإنجازه الكبير، وطالب بإخراج الدول التي تثير الحروب في العالم من مجلس الأمن. رئيس مجلس الشورى عادل حداد ابتدأ جلسة البرلمان بالتأكيد على انتصار الحزب. حتى ان جلسة لمجلس الخبراء في يزد، ومهرجانا كبيرا لحفظ القرآن الكريم في طهران نظما في ذلك اليوم، بدأت أعمالهما بإرسال التبريكات للحزب على إنجازه التاريخي.

في قنوات التلفزيون المختلفة، كانت هناك برامج تحليلية مستمرة يتم فيها استضافة خبراء وكتاب وأساتذة جامعة إيرانيين لتحليل الحدث التاريخي ووضعه في أبعاده الحقيقية. كما أن بعض القنوات كانت تبث بين فترة وأخرى الأناشيد الإسلامية الحماسية باللغة العربية، بعضها يعود إلى مطلع الثمانينات، وبعضها حديث من إنتاج حزب الله في السنوات الأخيرة. بعض هذه الأناشيد كانت تبث مع الترجمة المكتوبة باللغة الفارسية، بينما بعضها الآخر يأتي عفوا من دون ترجمة.

خطبة جوليت بطرس

على أن المادة الأكثر تأثيرا على المشاهد الإيراني والعربي قبله، وكررت التلفزة الإيرانية عرضها مرارا خلال ثلاثة أيام متوالية، هي تلك الخطبة الحماسية للفنانة اللبنانية جوليت بطرس، المسجلة في اليوم الثامن عشر من الحرب، التي بدأتها بشكر أطفال «إسرائيل» على هديتهم (الصواريخ) لأطفال قانا، ثم شكرها لأميركا التي أهدت «إسرائيل» الصواريخ الذكية ودعمت العدوان ورفضت ايقاف الحرب، كما شكرت الأنظمة العربية على صمتها، واعتبرتها شريكة في جريمة قانا وكل المجازر اللاحقة في لبنان، واختتمتها بإرسال تحية إجلال وإكبار لرجال المقاومة، وخاطبت القائد التاريخي، قائلة: «ياليت تعدي العرب والأنظمة العربية بالشرف والكرامة».

وهناك مادة أخرى اهتم بعرضها الإعلام الإيراني وإن كان من باب السخرية والاستهزاء، وهو تصريح الرئيس الاميركي جورج بوش الذي يقول فيه ان «العالم لا يعرف ان حزب الله هزم في لبنان»!

التلفزة الإيرانية كانت تهتم أيضا بتغطية ما يجري من ردود أفعال على الحدث اللبناني في البلدان الأجنبية، فكانت لها تغطياتها الخاصة لما يحدث في دول أميركا اللاتينية، بفضل ما تتمتع به من شبكة مراسلين، فضلا عن الفعاليات والتحركات التي كانت تقوم بها الجاليات اللبنانية المهاجرة في تلك البلدان القاصية.

الصحافة الإيرانية، لم يغب عنها وهج «الانتصار»، ففي الأيام الأولى كانت الصحف الرئيسية الكبرى تهتم بعرضه على الصفحة الأولى، وفي الأيام التالية نقلت بعض الصحف إلى الداخل، لتتناوله بالتحليل والتقييم والمتابعة، بينما استمر بعضها بإبرازه على الصفحة الأولى، من ذلك ان مانشيت أحدها قبل أيام فقط كان كالتالي: «115 حزبا عربيا يهنئون حزب الله بالانتصار».

هذا ما يمكن للمراقب رصده بسهولة على السطح، من اهتمام رسمي كبير بالحدث الاستثنائي، وما نتج عنه من ردود فعل شعبية حاول الإعلام الرسمي إبرازها، مع انها دون المستوى المتوقع لو قسنا خطورة الحدث بحوادث أقل حجما وتأثيرا على المنطقة، جرت قبل خمسة عشر أو عشرين عاما

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1446 - الإثنين 21 أغسطس 2006م الموافق 26 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً