المشاهد التي نراها في المسلسلات الكوميدية لاسيما السعودية والمصرية وخصوصاً في تصوير موظفي الحكومة بأنهم موظفين متقاعسين (غالبيتهم طبعاً)، لم تكن مبالغة في غير محلها ألبتة، فما نراه في الطبيعة شيء مقارب لهذا بل لربما ما خفي أعظم.

إذ أذكر وفي إحدى زياراتي المتكررة إلى الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية، بل وعند مسئولة القسم!! بدأت روائح القهوة العربية النفّاذه تدخل خياشيم خشمي الملتهب في ذلك اليوم... ولتستقبلني رائحة الحلوى العربية المحرقية مخلوطة برائحة المهياوة الايرانية النفّاذه التي يتقن صناعتها القلة القليلة من إخواننا عجم المحرق، لأصل الى مكتب عنايتها (مسئولة القسم) وأراها وزميلتها تفترشان مكتب المسئولة وهات يا أكل مهياوة وحلوى وشاي وقهوة... أقف مترددا «الاخت عندي مراجعة» فأجابتني حالا وحتى من دون أن تقول تفضل!! «ايه بس إحنه قاعدين نتريق... ما تجوف!!... تعال بعدين أو عطني رقم تلفونك بنتصل لك بعدين» وللأمانة فقد اتصلت ولكن شغلي ما قدرت أخلصه ذاك اليوم !!

هذه احدى نماذج الموظفين إللي نراجعهم في المكاتب... هذا إذا حصّلتهم أصلا!! ولك نماذج مُزرية أكثر في البلديات وما أدراك ما البلديات !!

المشكلة مو في الموظفين، بقدر ما المشكلة في النظام المعمول به في غالب الادارات الحكومية والخدمية على وجه التحديد، فالمعاملة لا ترقى أبدا الى كونك مراجعاً في إدارة ويجب التعامل معك كزبون، بل أن المشكلة هي أنهم يتعاملون معك وكأنك طرار.

حلمنا من قبل... ولا بأس من أن نكرر الحلم نفسه، فمتى سنرى إداراتنا ووزاراتنا الحكومية تتسابق للحصول على الايزو في الجودة، على رغم أن معايير هذا الايزو كبيرة عليهم فإنه ليس من المعيب أن تكون هناك خطة حتى لو خمسينية تهدف للحصول على هذا المسمى آيزو... وخطوة الالف ميل تبدأ بخطوة