العدد 1445 - الأحد 20 أغسطس 2006م الموافق 25 رجب 1427هـ

لن نحيد مهما بلغنا ومهما بلغنا!

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

التقيت الأخ حامد (العماني) الذي - وكعادة الخليجيين - تعرفنا سريعا على بعضنا البعض، وما أن وصلنا المحطة حتى أقسم ايمانا مغلظة على أن يسدد «تعريفة التاكسي» إلى المطار، فكان له ذلك. في الطريق وفي قاعة الانتظار بالمطار تجاذبنا أطراف الحديث. بالطبع كانت لدي معلومات كثيرة عن عُمان والعمانيين، وتحديداً الدارسين في جامعة الإسكندرية، والذين وصل عددهم إلى ثمانية آلاف طالب عماني في مختلف التخصصات، قليل منهم منتسب إلى كلية الحقوق، وأكثرهم في تخصصات علم الاجتماع والنفس والتاريخ وهي تخصصات تتشابه مع البحرينيين الدارسين بالجامعة، ولعله ليس صدفة هذا الشبه، إذ البيئات الاجتماعية متشابهة وبالتالي فنتاجاتها البشرية لا تختلف إلا في تفاصيل صغيرة.

وإن كنت أعتب على العمانيين كثرة اهتمامهم بعلم الاجتماع وعلم النفس والفلسفة والتاريخ، فكذلك أعتب على إخواني أبناء البحرين وتحديداً القرى، اتجاههم إلى التخصصات ذاتها، بدلاً من دراسة الحقوق أو اللغة العربية أو الأدب الإنجليزي، أو تخصصات «التكنك»!

بعد فراق حامد العماني، ألتقيت في المطار بعماني آخر هو محمد، ومحمد رجل لحوح جداً وخصوصاً في الامتحانات فإنه لا يتركني أكتب سطراً في الامتحانات حتى ألتفت إلي وقال بلهجة عمانية (سواحلية) «ذكرني بالعنصر المطلوب، عنصر واحد يا محمد». بصراحة هو يمارس بالضبط والربط هنا عادة بعض الطلبة البحرينيين مع صديقي المجتهد جداً عباس الحداد.

وبعد مغادرة محمد العماني، التقيت في قاعة الانتظار مع أخ قطري، وكما يقول نصفه في البحرين - في إشارة إلى زوجته - ونصفه الآخر في قطر. تجاذبنا أطراف الحديث عن هذه الدويلات (البحرين، قطر، الكويت، الإمارات السبع) وكيف إنها لن يكون قرارها بيدها ما لم تتوحد سياسياً وتندمج اقتصادياً... بعد أن دخلنا قاعة الانتظار الأخيرة في مطار القاهرة مثقلين بحمولات لا قبل للرجل العادي بالمشي بها، وكلها وصايا وطلبات آنسات وسيدات، من «المنغا» المصري إلى جلابيات كرداسة الشهيرة إلى «قراقيش» خان الخليلي والحسين.

في الطائرة، وأنا أبحث عن المقعد «46» وإذا برجل هاشاً باشاً مرحباً بي قائلاً: أهلاً بـ «الوسط». وبما أنني لم أكن باللباس الاعتيادي استنكرت معرفته لي، فقلت له «ازاي» عرفتني، فأجاب: أنا «...»، أتمنى ان تستمر في الكتابة واحذر الانحراف، ولا يضيرك من حولك من الذين قبضوا الامتيازات والهبات (يقصد قسائم الأراضي) واحداً تلو الآخر وباعوا المبادئ وداسوا القيم... ختم مضيف شركة طيران الخليج «عماد منصور» كلامه، وأنا هنا أنقل كلمات «عماد» لوقوعها في القلب إذ هي خرجت من القلب.

خنقتني عبرة لم استطع كتمانها، ووليت مدبراً وقلت في نفسي: أليس من أجل هؤلاء نكتب؟! أم من أجل غيرهم؟ إذاً؛ فحسبي كلام «عماد» شاهداً ودليلاً، ولن نحيد عن هذا الخط مهما بلغنا (بكسر اللام) ومهما بُلغنا (بضم الباء)

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1445 - الأحد 20 أغسطس 2006م الموافق 25 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً