العدد 1445 - الأحد 20 أغسطس 2006م الموافق 25 رجب 1427هـ

النفط والعمالة الوافدة والاضطرابات المحتملة

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قال تقرير دولي: إن اقتصادات دول الخليج العريبة ستسجل نمواً قياسياً قد يبلغ 19 في المئة خلال العام الجاري بالإضافة إلى نمو متراكم في إجمالي الناتج المحلي لتلك الدول، بنسبة 74 في المئة على مدى الأعوام الثلاثة الماضية.

وعزا التقرير الصادر عن المعهد المالي الدولي في واشنطن، وهو معهد يضم 355 مؤسسة مالية متخصصة من جميع أنحاء العالم، هذا النمو إلى الارتفاع العالمي لأسعار النفط خلال تلك الفترة، مشيراً إلى أن ذلك الارتفاع سيؤدي إلى ارتفاع قيمة الناتج المحلي الإجمال لدول مجلس التعاون الخليجي إلى 750 مليار دولار خلال العام الجاري.

وقد أدى ذلك إلى، وفقا لما جاء في التقرير إلى تزايد الإنفاق الحكومي وتعزيز الثقة في المحلية ما أسفر عن طفرة في الاستثمارات ومشروعات في البنية التحتية في دول المجلس تقدر قيمتها بتريليون دولار.

وعلى نحو مواز ضاعفت تلك الطفرة المالية والاستثمارية المرافقة لها من حجم العمالة الوافدة إلى دول مجلس التعاون، الأمر الذي قاد إلى زيادة نسب وحجم تحويلاتها المالية الخارجية. وقد جاء في دراسة قامت بها الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي حديثاً، و أن تحويلات العمالة الوافدة تشكل تسرباً كبيراً تبلغ نسبته نحو 9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لدول المجلس مجتمعة في الوقت الحاضر، وهي أعلى نسبة للتحويلات تسجل في العالم بحسب البيانات المنشورة، مؤكدة أن هذه التحويلات تؤثر بشكل سلبي على اقتصادات دول المجلس وأن حجمها يتناسب عكسياً مع حجم الاستثمارات في دول المنطقة بحكم أن هذه التحويلات تشكل فرصاً ضائعة على اقتصادات دول المجلس والتي تصل إلى ثلث حجم الاستثمار الفعلي.

الجديد في دراسة الأمانة العامة أنها تنصح، طالما أن السياسات المتعلقة بتقلص العمالة الوافدة غير فعالة، بفتح مجالات الاستثمار للعاملين الأجانب سواء العرب أو غيرهم من العمالة خصوصاً في أسواق الأسهم وتملك العقارات وبيعها للاستفادة من مضاعفة الاستثمار المتولد عن استثمار جزء من تحويلات هذه العمالة، مشيرة إلى أنه من أبرز السلبيات الاقتصادية للتحويلات تسرب وهروب وهجرة المخزون من العملات الأجنبية الصعبة إلى الخارج واتجاه معظمها إلى دول غير عربية، الأمر الذي سيؤثر آجلاً أم عاجلاً سلباً على موازين مدفوعات دول المجلس.

ولابدّ من التأكيد هنا، إلى أنه على رغم ظهور أدوات استثمارية متعددة في دول مجلس التعاون الخليجي إلا أنها ما زالت عاجزة عن استقطاب تحويلات العمالة بالصورة المطلوبة، ربما لاحتياجات دول العمالة تلك إلى تلك التحويلات لاستثمارها بصورة أو بأخرى على رغم. وما ينبغي التشديد عليه هنا أن تحويلات العمالة العربية الوافدة لا تشكل أكبر من نسبة 15 في المئة من إجمالي التحويلات، إذ أن معظمها وربما بنسبة أكثر من 65 في المئة تتجه إلى الدول الآسيوية كالهند وباكستان وبنغلاديش والفلبين وإندونيسيا والبقية إلى الدول الإفريقية والأوروبية.

الأمر الغائب عمن يورد تلك الأرقام والإحصاءات هو العنصر الديمغرافي أو الأنثربولوجي في تلك المعادلة، والذي هو أكثر خطورة من الجوانب المالية والاستثمارية في آن. فليست هناك دراسات تتحدث عن إمكانات دمج تلك الفئة ذات الحجم المتنامي في النسيج الاجتماعي المحلي. وفي غياب أية رؤية جادة تعالج هذه المسألة، ومع تزايد الاضطراب في المنطقة واندلاع المزيد من الحروب الداخلية بين دولها وبين سكانها، ناهيك عن احتمال وقوع هجمات إرهابية عشوائية يصعب التكهن بطبيعتها أو إحجامها، تشكل تلك اليد العاملة الوافدة عربية كانت أم غير عربية أفضل وقود لمثل تلك الحروب. وحينها لن تنجح الأهمية الاستراتيجية لتلك الدول وعلاقاتها الوثيقة بالاقتصادات الغربية الكبرى في توفير سبل حماية معقولة لها

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1445 - الأحد 20 أغسطس 2006م الموافق 25 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً