«التنمية الاقتصادية» الحقيقية هي عامل طمأنينة بين الشرائح الدنيا والشرائح المتحكمة برأس المال الوطني، وهي العامل الأهم، والذي يشكل قناعة لدى الطبقات العليا بأن الطبقات الدنيا لا تشكل خطرا عليها، وأنها تستحق ممارسة الحقوق السياسية ونيل نصيبها من القوة في المجتمع.
الطبقة الوسطى تنتعش بشكل متوازن مع وفرة المال في المجتمع النامي، وطبقة التوازن هذه هي الضمانة الأكثر صدقية في استمرار هذا النهوض الاقتصادي وديمومته.
وأي خلل في هذه العملية لابد وأن يفضي إلى العنف السياسي، وهو ما لا تسعى له أية طبقة من الطبقات البتة. يقول الأميركي «هنتجنتون»: «إن متابعة التحولات الديمقراطية في العالم خلال الفترة من 1974 إلى 1990، أظهرت أن المناطق التي شهدت مثل هذه التحولات حققت معدلات تنمية اقتصادية فوق المتوسط، وخرج من ذلك بنتيجة مفادها أن الفقر يمثل عقبة كأداء أمام التطور الديمقراطي، وأن تعزيز الديمقراطية يعتمد على تحسين مستوى التنمية الاقتصادية، وأن العقبات التي تقف في وجه التنمية، هي عقبات في طريق الديمقراطية».
على مستوى تجربتنا السياسية البحرينية لابد أن نستدرك هذه المعادلة نحو المزيد من الدفع في تحسين مستوى المعيشة، ومعالجة مشكلات الإسكان والبطالة، هذا الخيار هو الضمانة - السياسية - الوحيدة، والتي تستطيع ان تضمن انسيابية مستدامة لخيار التنمية الاقتصادية سياسياً واجتماعياً على حد سواء.
الحكومة مطالبة بمزيد من الصدقية في معالجة هذه الإشكالات العالقة أمام مستقبل الإنسان البحريني، مستويات الغلاء في متطلبات المعيشة من جهة، ومحدودية الدخل من جهة أخرى تمثل مقصلة لمشروع التنمية الاقتصادية في البحرين، لابد ان نعي ببساطة مشكلة أن لا تتمكن الطبقة الوسطى من أن تعيش حتى وسطيتها!
القطاع الخاص لابد ان يكون أكثر مساهمة في التنمية الاجتماعية وفي حل المشكلات الاجتماعية العالقة، المزيد من المشروعات الإسكانية - محدودة الربح - أصبحت ضرورة تنموية لابد ان تعي شتى مؤسسات المال والاقتصاد البحرينية أنها قد تتأثر سلبا بها. كما أن دفع الحكومة بدعم رواتب موظفيها بالتوزاي مع القطاع الخاص لابد وان يمثل حالة إنتقالية للتجربة التنموية في البحرين، إلا أن «معضلة» الإسكان تبقى هي أكبر المشكلات الوطنية تعقيداً، ولابد أن تحضى بالمزيد من الاهتمام، فالناس حين تسكن الصناديق لا تمنح احداً ما طمأنينة النوم على أسرة من ذهب
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1445 - الأحد 20 أغسطس 2006م الموافق 25 رجب 1427هـ