هناك سوء فهم في «إسرائيل» والولايات المتحدة مفاده أن باستطاعة «إسرائيل» عسكرياً أن تخلص لبنان من حزب الله. من حيث المبدأ ليس حزب الله مجرد ميليشيا أو جيش تقليدي وإنما حركة اجتماعية سياسية تتعمق جذورها في مجتمعها ولها قاعدة انتخابية ضخمة داخل الطائفة الشيعية التي تشكل نحو 40 في المئة من سكان لبنان البالغ عددهم أربعة ملايين نسمة.
لحزب الله نظام خدمة اجتماعية يوفر المدارس والعيادات ومراكز الرعاية النهارية والوظائف لمئات الألوف من الشيعة الفقراء. حزب الله يوفر للجالية الشيعية التي طالما كانت مهمشة ومحرومة في لبنان شعوراً بالكرامة والفخار.
ثانياً، يعطى لحزب الله صورة خاطئة على أنه ضرس تالف يمكن خلعه بسهولة، منظمة إرهابية يجب محوها عن الوجود. الواقع أن حزب الله هو أحد أكثر اللاعبين السياسيين المحوريين في الساحة اللبنانية. يصوت أكثر من مليون رجل وامرأة لمرشحيه في الانتخابات. لديه وزيران في مجلس الوزراء اللبناني وأربعة عشر مقعداً في البرلمان اللبناني المكون من 128 مقعداً، وقاعدة دعم واسعة في لبنان والعالم المسلم.
ثالثاً، منذ باكورة ثمانينات القرن الماضي أثبت حزب الله نفسه في ساحة المعركة ضد قوة «إسرائيل» العسكرية.
في العام 2000 أجبر «إسرائيل» على الانسحاب تحت نيران السلاح من قطاع صغير من الأرض في جنوب لبنان. هذه المرة، حتى بعد أسابيع من القتال أثبت حزب الله قدرته على الصمود.
من السذاجة أن يرى الرئيس بوش لبنان على أنه مجرد جبهة أخرى في الحرب على الإرهاب، الأسباب الجذرية للمواجهة بين «إسرائيل» وحزب الله موجودة في النزاع العربي الإسرائيلي وعملية السلام المتوقفة. ومن الواقعي لـ «إسرائيل» أن تفكر أن بإمكانها تدمير حزب الله نهائيا.
قبل بدء هذه الحرب لم يكن هناك نقص في الرجال المستعدين للانضمام إلى القتال ضد «إسرائيل». تهجير «إسرائيل» لما يزيد على مليون لبناني (معظمهم من الشيعة) وقتل أكثر من 900 مدني سيضمن تدفقاً لا نهاية له من المتطوعين ولسنوات مقبلة.
سوء فهم آخر هو أن هذه حرب بالوكالة ضد إيران وسورية. هذا كلام فارغ. على رغم أن حزب الله يحصل على تسليحه وتمويله من سورية وإيران فقد أصبح الحزب أكثر استقلالية منذ انسحاب «إسرائيل» من لبنان العام 2000.
لم ينجح زعيم حزب الله السيدحسن نصرالله الذي يتمتع بشعبية كبيرة في أجندته داخل لبنان فحسب، وإنما جعل من حزب الله طليعة للمقاومة المسلمة ضد «إسرائيل» وأميركا في عيون عشرات الملايين من العرب والمسلمين.
لقد أظهر استطلاع على الصعيد الوطني في لبنان أجراه مركز بيروت للبحوث والمعلومات ارتفاعا حادا في الدعم لحزب الله منذ الاجتياح الإسرائيلي. 87 في المئة من المستطلعين أجابوا أنهم يساندون الرد العسكري لحزب الله (بمن فيهم 89 في المئة من السنة و80 في المئة من المسيحيين). قبل خمسة شهور 58 في المئة فقط ساندوا حق حزب الله في الإبقاء على سلاحه.
التغيرات في لبنان تضعف كذلك العناصر الموالية للغرب عبر المنطقة. يقول الملك عبد الله الثاني ملك الأردن، الحليف الرئيسي لأميركا الذي أنحى باللائمة في البداية على الحزب لإثارته الأزمة: «الشعب العربي يرى في حزب الله بطلاً لأنه يقاتل ضد الاعتداء الإسرائيلي».
مؤلف كتاب «رحلة الجهادي: داخل العسكرية المسلمة» وأستاذ بكلية سارة لورنس، والمقال ينشر بالتعاون مع خدمة «كومن غراوند
إقرأ أيضا لـ "Common Ground"العدد 1445 - الأحد 20 أغسطس 2006م الموافق 25 رجب 1427هـ