أثناء اكتتاب المواطنين في أسهم شركة دانة غاز كتبت مقالا بعنوان «دانة غاز وأحلام الفقراء»، وقد تحدثت عن بعض الأمور المتعلقة بالاكتتاب ومدى جدوى رحيل رؤوس الأموال الصغيرة إلى خارج الدولة، وتحدثت عن قدرة صغار المستثمرين على تحديد نسبة المخاطر المتوقعة بعد طرح السهم للتداول، وأمور أخرى لابد أن اطلعت عليها الجهات المعنية في المقال السابق.
الآن، وبعد أن ارتفع سعر السهم إلى 4.5 دراهم إماراتية، ثم بدأ السهم يترنح إلى أن تدنت قيمته السوقية إلى 1.82 درهم بحسب سعر الإغلاق بتاريخ 17 أغسطس/ آب 2006 في سوق أبوظبي للأوراق المالية، وما يهم الناس هنا في البحرين في هذا الجانب هو أن سعر السهم قابل للصعود والنزول بحسب تقلبات السوق، فان كان ارتفاع السعر لا يعني للمستثمر الصغير غير السكوت والانتظار أملا في جني المزيد من الأرباح، فان اقتراب قيمة السهم من سعر التأسيس أو انخفاضه دون ذلك، فعندئذ قد نرى طوابير تطلب النجدة من الحكومة، وهو واقع غالبية المستثمرين في الخليج في حالتي الربح والخسارة.
لقد اكتتب في أسهم هذه الشركة فوج كبير من المواطنين، ولا يستطيعون حالياً وبحكم أسهمهم المتواضعة، التعامل مع السوق الإماراتية لأجل بيع الأسهم، فكلفة السفر إلى هناك قد تساوي استثمارهم في أسهم الشركة، ولذلك فالسعر الحالي وان تضاعف لا يغري صغار المستثمرين لتكبد عناء السفر وما يترتب عليه من مشكلات وعوائق إدارية تتعلق بضوابط السوق من دون تحقيق مكاسب مجزية، أما في حال انخفاض سعر السهم بشكل مخيف، فذلك يعني استسلام صغار المستثمرين لأقدار أفاعي السوق ومدى قدرتها على ابتزاز الصغار والاستحواذ على ما تبقى من الأسهم ولكن بسعر التراب، فعلى الجهات المعنية رصد هذه الحالات واتخاذ ما يلزم من تدابير للمحافظة على مدخرات الناس، ونشر الوعي الاقتصادي بما تملك الدولة من أدوات ومنابر إعلامية.
هذا الموضوع بسيط ولا يستدعي الإطالة، ولتدارك أية مشكلة قادمة، فمن المطلوب إدراج أسهم بعض الشركات الخليجية في سوق البحرين للأوراق المالية لإتاحة الفرصة أمام المستثمرين للتداول بكل حرية ومن دون ضغوط تجارية من الخارج، وإن قلت في المقال السابق إن تلك الهواجس لا تمثل دعوة للشراء أو العزوف عنه، فاني أدعو ذوي الشأن حالياً لتحمل مسئولياتهم الذاتية من دون وصاية من أحد، والتفكير ملياً قبل اتخاذ قرار في الاستثمار محلياً وخارجياً، أو حتى محاولة التخلص من تبعات استثماراتهم نتيجة لعاطفة لا تحترم الحسابات، وميول يشوبها التردد وقلة المعرفة.
يشير المرسوم بقانون رقم «7» لسنة 2002 بالموافقة على الاتفاق الاقتصادي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية إلى توحيد الأنظمة والقوانين الاستثمارية، ومعاملة الاستثمارات المملوكة لمواطني دول مجلس التعاون المعاملة الوطنية في جميع الدول الأعضاء، مع تكامل الأسواق المالية وتوحيد السياسات والأنظمة المتعلقة بها... فهذه إرادة قادة دول الخليج من دون أن تترجم على أرض الواقع، فهناك سوق مالية للكويت وأخرى للسعودية وثالثة لقطر وأسواق أخرى لا تستطيع التغريد خارج سرب الشتات، ولسنا هنا بصدد الإشارة إلى سوق مالية مركزية تحتضن أموال المستثمرين، إلا أنه من الضرورة مؤقتاً إدراج أسهم الشركات الكبرى في جميع أسواق المال في الخليج، تزامناً مع الإعداد والتنسيق الجماعي لبداية الوحدة النقدية بين الدول الخليجية
إقرأ أيضا لـ "معاذ المشاري"العدد 1444 - السبت 19 أغسطس 2006م الموافق 24 رجب 1427هـ