تورد بعض التقارير الصحافية معادلة غريبة تبعث على الاستغراب، فهي تربط تفجير سور مدرسة البديع الذي حدث أمس الأول بضرورة استدعاء وتطبيق قانون مكافحة الإرهاب، أولاً، وقبل الخوض في الموضوع لابد من المرور على بعض الجزئيات الصغيرة» تفجير السور، وهو عمل تخريبي من دون أدنى شك ولا نختلف على إدانته على اعتبار أنه طال أحد صروح المؤسسة التعليمية. ولكن كيف يمكن ربط تفجير السور بقانون مكافحة الإرهاب؟ التفجير وقع عبر انفجار اسطوانة غاز (سلندر) يسهل الحصول عليها من أي مكان، كما أنها لا تعد من الأسلحة المحرمة دولياً فكل منزل بحاجة إلى اسطوانة غاز، ولكن لا يعد ذلك مبرراً لاستخدامها أمام سور المدرسة، ولكن أوردنا ذلك لضرورة المرور على الجزئيات الصغيرة، كما أسلفنا لاكتمال الصورة. على أية حال، للوهلة الأولى، يتضح أن التفجير كان فعلاً فردياً، أو على الأقل لم يتعد عدد من قام به 2 أو 3 فكيف نربط هذا العدد بتطبيق قانون يمسّ أمن المجتمع برمته؟ وما يثير الحيرة أيضاً، التضخيم المهول الذي ورد في بعض التقارير من تحليلات وأقاويل وردات فعل، وكأن هذه التقارير تعلق على تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول في الولايات المتحدة. وفي النهاية، هل يستدعي «التفجير» كل هذه الجلبة الإعلامية؟ لعل أبسط تحليل، وأقربه إلى الصحة هو أن الفاعل كان تلميذاً (كسلاناً) سمع عن قرب افتتاح المدارس أبوابها وأراد أن يقدم خدمة مجانية لبقية التلاميذ الذين لا يرجون اقتراب افتتاح المدارس، فدك سورها باسطوانة غاز دوّت في المنطقة. كما أن طريقة «التفجير» تدل على انعدام التخطيط الكلي لما أسماه البعض «عملية التفجير»، فلو كانت هناك نية لعمل تخريبي فعلاً لكانت اسطوانة الغاز انفجرت داخل المدرسة بدلاً من أن تحدث ثقباً في السور يمكن إصلاحه في يوم واحد. إن ما نرمي إليه هو، أن ما حدث في سور مدرسة البديع عمل لا يمت إلى ثقافة المجتمع البحريني بأية صلة، كما أن التضخيم الذي حصل لا مبرر له، فإذا طبق القانون فكيف سنحمي سور المدرسة مادام البعض بمقدوره أن «يفجر» من دون أن يمسه أحد؟ لنحتكم الى المنطق، ولنفعل ما في صالح هذا البلد، فإن تطبيق قوانين تراها مؤسسات المجتمع، بل تراها منظمات حقوق الإنسان العالمية انتقاصاً للحريات وخطراً مباشراً على الحقوق لا يصب لا في صالح الطامحين في بقايا الفتات، كما أنه لا يصب قطعاً في صالح الطامعين في مصلحة الوطن. نحن لا نشجع على التخريب، ولكن لنرجع إلى أكثر الدول ديمقراطية، ولنرصد الأفعال الفردية التي تحدث يومياً وعندها سنتأكد من أننا نعيش في مجتمع ذي ثقافة عالية لا يحتاج إلى شرطي في المنزل والشارع والهاتف والعمل
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الملا"العدد 1444 - السبت 19 أغسطس 2006م الموافق 24 رجب 1427هـ