العدد 1444 - السبت 19 أغسطس 2006م الموافق 24 رجب 1427هـ

سينغا آسيا (1)

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

تطور الامم والشعوب يقاس بالعادة مع تطور مفاهيمها وعاداتها الاخلاقية التي حتما تنعكس على اسلوب حياتها وعصرنتها مع حاجاتها بشتى الوسائل اضافة الى تعزيزها وتطبيقها مبدأ أن لا أحداً يعلو على القانون مواطنا أو مقيما أو سائحا كان. وهذا ما قد يلمسه الزائر في بلد مثل سنغافورة التي تجمع بين الشرق والغرب في اخذ أفضل ما فيهما من عادات وقوانين ونظام ونظافة التي هي بلا شك سر نجاحها وتبوئها في مصاف الدول المتقدمة بشتى المقاييس وعلى رأسها تطبيق مبدأ المساواة وعدم التفريق او تجريح الاعراق التي تشكل نسيج هذا المجتمع المكون من اصول متعددة هي «الملاي» و«الصيني» و«الهندي» و«الاوروبي» وحتى «العربي» بأديانهم المختلفة من الإسلام والمسيحية الى البوذية والهندوسية التي تلحظها من الحي الصيني والهندي والعربي وصولا الى القرية الهولندية. هناك حيوية خاصة لمدينة تجمع آلاف الخصائص بل وتناسق تام لبيئتها والانسجام بين جميع عناصرها لتقاليد وحضارات مختلفة اجتمعت جميعها في مكان واحد دون تعقيد بل ببساطة شديدة بانسجام ملحوظ يعبر عن سياسة الحكومة التي انتهجتها منذ استقلال سنغافورة في ستينات القرن الماضي وحتى الآن. فهذه المدينة التي اسسها المستعمر البريطاني متمثلا في السير ستامفورد رافلز في العام 1819 الذي يبدو في كل من التقيته من افعال واقوال السنغافوريين بانهم يدينون له بكثير من الشكر والتقدير على ما وصلت بلدهم اليه. السنغافوريون يقدرون قيمة ما قام به رافلز، فالأدلة كثيرة منها متاحفهم وكتبهم في تحويل جزيرتهم من قرية صغيرة هادئة للصيد إلى مدينة حديثة كبيرة يسكنها 3 ملايين نسمة. هذه الجزيرة التي كان يوما اسمها «تاميسيك» أي مدينة البحر وحاليا سنغافورة الاسم الذي اطلقه سلطان من اصل ملاي في القرن الرابع عشر عندما لمح اسدا يطل عليه بينما ضل طريقه في البحر ليجد مآواه في هذه الجزيرة الخاوية عندها اسماها بـ «سينغا» وتعني اسدا بينما بورا معناها مدينة. واليوم نجد كثيرا من دول منطقتنا الخليجية تحاول جاهدة ان تقتدي بسنغافورة لكن على دول الخليج الالتفات الى أن عليها الكثير من العمل حتى تصل الى ما وصلت اليه سنغافورة بايدي ابنائها اصحاب الاصول المختلفة بدءا من تحسين قوانينها والابتعاد عن ممارسات العنصرية والطائفية سواء مع المواطن او المقيم التي تخلق مجتمعا مهزوزا مخلوعاً من أية قيم تحترم الإنسان وقيمة عمله الى جانب تطبيق القانون ومعاملة الجميع سواسية. من السهل ان تكرر في حملات الدعاية ان هذه الدولة أو تلك تريد ان تكون سنغافورة الخليج لكنه في واقع الامر تتجاهل دول المنطقة أن النجاح جاء بسبب الالتزام في مجتمع خليط لا يحمل صبغة ثقافية واحدة بل فخور بجميع اصوله... وهذا سر «اسد» آسيا

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 1444 - السبت 19 أغسطس 2006م الموافق 24 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً