العدد 1443 - الجمعة 18 أغسطس 2006م الموافق 23 رجب 1427هـ

أما آن للشعوب العربية أن تصحو من رقدة العدم؟

محمد جابر الصباح comments [at] alwasatnews.com

أم أنها أدمنت الذل واستكانت الى الكرباج، واستساغت عبارة «انا وجدنا ملوكنا على ملة وانا على آثارهم وضلالهم مقتدون». وأحلوها سبيلاً لهم، ونبراسا يقتدون به، ومثلاً في طريق الانحطاط والتلاشي يسيرون على هديه... وانهم في طريق غوايتهم وضلالهم، عاجزون عن ادراك وفهم، ما قاله «هيغل». «ان روح الأمة بوصفها حقيقة جوهرية، هي التي تنجب في المطاف الأخير كل المؤسسات وتلهم كل الأعمال التي تعكس مجد ذلك العصر». (راجع كتاب «هيغل والفلسفة الهيغلية» لـ «جاك دونت» ­ ترجمة «د. حسين هنداوي» (ص 106). على انه ليس بالمنظور المقنع أو المقبول به، عندما يتم الإعلان عن إجراء محادثات تتناول العلاقات الثنائية الهادفة لمصلحة البلدين والشعبين الصديقين، بين طرفين... احدهما: «يقبض روحاً جديدة على صولجان العالم، وطرفاً يمثل جنسا بشريا متخلفا لا وزن له الا وزن شكلي دعائي يبرز على وجه أوراق الصحافة، لا قيمة له عند مقارنته بالطرف الآخر المارسك بصولجان العالم. إن الشعوب لا تفتقر الى الصلابة، ذلك ان مراقبة سيرورة التاريخ في مسار مقاومة الشعوب للظلم في احلك واصعب فترات المراحل التاريخية التي تمر بها الشعوب قد أثبتت أن إرادة الشعوب لا تقهر، وخصوصاً إذا ما تهيأ لها قائد نزية كما كانت عليه مرحلة عبدالناصر التاريخية، وكما هي علية المرحلة التاريخية الحالية التي هيأها لنا الرب الجليل متمثلة في قيادة «نصرالله» الذي هيأته لنا الإرادة الإلهية كقائد ملهم مؤزر بارادة الله، في مرحلة تاريخية لم يبرز فيها قطب عربي واحد استطاع ان يلف حوله الشعوب العربية ويقودها الى النصر، سوى شلة من المتساقطين الجبناء، ان قيادة الزعيم الروحي حسن نصرالله قد خلقت وضعا جديدا يعجز حكام العالم العربي عن ان يدركوا ماهيته، وان يمنعوا بروز نتائجه المتمثلة في النتيجة الحتمية التي لابد منها في ظل تقاعسهم وانهزامياتهم وهي انفضاض الشعوب من حولهم وتركهم وحيدين لا تنفع رشاوهم وشراءهم للذمم، لأنه ليس من العملاء من يستطيع أن يفاخر بعمالته إذ إن سيف الشعب سيكون مسلطا على رقبته. إن مؤازرة حكومات الخيانة العرب لـ «إسرائيل» تنكيلا بحزب الله قد اضر بهم وهيأت لالتفاف الشعوب العربية حول حزب الله كطليعة للنضال الشعبي العربي، طالما هفت الشعوب العربية الى مثله، بعد فقدهم عبدالناصر، وما سببه فقده من فراق تاهت في مداه الشعوب العربية وهي تطرح الآلام قهرا، تجرعه الشعب على يد السقط من القيادات بعد عبدالناصر، وقد عوض الله فلا تفريط ولا بدل لما به قد عوض. وإذا ما مضينا الى مدى أبعد في تقصي الحقائق، وفي محاولاتنا وضع النقاط على الحروف بالنسبة لمؤازري «إسرائيل» من اصدقاء أولمرت سيتضح لنا انهم فئة من سقط بشر عاجزين عن التعلق بمسيرة التاريخ والتطور، ويخشون ان يطلقوا كأمل الحرية لشعوبهم حتى لو أنهم ادركوا، وأنى لهم ان يدركوا بعقول متخلفة فارغة من العلم والثقافة وان روح الأمة، بوصفها حقيقة جوهرية، هي التي تنجب في المطاف الأخير كل المؤسسات وتلهم كل الأعمال التي تعكس مجد ذلك العصر»... هذا طبقاً لما تذهب اليه الفلسفة الهيغلية في شرحها لتطور الشعوب عبر مسيرة التاريخ، لأن هيغل: «سعى في الحالة الثقافية التي عاشها الى أخذ ما سبق ان أوضحنا في مقال سابق، لا تجانسية التعاقبات التاريخية في نظر الاعتبار، لكي نعطي لأنفسنا فرصة التوسع في المفهوم الفلسفي الهيغلي للتاريخ باضافة: ان «احلال مبدأ متجسد في شعب (يحمل كل جديد في العلم والمعرفة والتكنولوجيا والاقتصاد) بدل مبدأ بال متجسد في شعب آخر، يتوج صراعا عنيفا بين الشعبين، تسفر حتميته النهائية بانتصار الجديد لكي تعطي ثمارها المفيدة للمجتمعات، وتحقنها بما هو جديد من ظواهره نقل الأمم المتخلفة والحاقها بمسيرة التطور التاريخي في سيرورته القابلة للبقاء والاستمرارية المتعاقبة وفعلها في الجديد مكان البالي المرتبط مصيريا بالزوال والانقراض. ولتحاشي الشعوب المتخلفة مصيرها الحتمي الذي لابد أن يلقي بها في ذاكرة النسيان ليتلقفها قبر التاريخ ومزابله، لابد للحكومات العربية وهي المسئولة الأولى والمتهم الرئيسي من قبل الشعوب فيما أصاب الأمة العربية من هزل وتخلف بين أمم العالم. وإنه لا مخرج أمام هذه الحكومات من تطهير ساحتهم من تهمة الشعوب لها سوى ان تقف مليا وتعتبر بعمق فيما يتحدث عنه هيغل: إذ إن «هيغل يمقت احلاماً مثالية، (من امثال كثير من حكام العالم العربي) معزول عن الواقع متغرب في غياهب متخيلة ­ إذ لا غياهب لديه ومتبخر في وجود أمثل، لم يتحقق أبداً. لا ريب في ان الأساس هو الروح المحدد كمطلق، إلا أنه ماثل في الاشكال الموضوعية التي يتخذها على التوالي. فليس بواف القول إنه تجسد فيها، لأنه ليس الا تنظيم تسلسل تلك المراحل الملموسة». ويضيف هيغل: «إن البنى الموضوعية التي هي من الروح، لا تفتقر الى الصلابة ولا الى الفعالية الخاصتين بها. فهي وعبر تشكلها في دوائر متمايزة تنزع الى البقاء كما هي، وعندما يعصف روح جديدة، (مثل المخططات الأميركية الغربية الهادفة الى إذابة كياننا العربي ودمجه في الكيان الواحد (الأميركي الغربي) والوسيلة الى تحقيق هذا الهدف هم اليهود الصهاينة)، ويضيف هيغل: «فإنها تواجه بمقاومة تتلبس هيئات بقايا بائدة إنما عنيدة جامحة مع ذلك. مثل تلك المقاومات الشعبية المنبعثة من رحم قهر الحكام لشعوبها والتي يستميت الاستعمار لمحاربتها ويحرص الحكام العملاء لمحاربتهم. وأخيراً على الحكام ان يختاروا بين احضان المستعمرين أو بين احضان شعوبهم... والاختيار يجسد ما بين (الجنة والنار) ونختتم مقالنا بمقولة هيغل: «وهكذا تتطور سيرورة متماسكة تتمايز فيها مراكز خاصة قادرة على الدخول في نزاع بين بعضها والبعض الآخر، الأمر الذي يوفر شروط حياة سياسية حقيقية مع منافساتها ونزاعاتها وطابعها الدراماتيكي... (المصدر نفسه ص 8)

إقرأ أيضا لـ "محمد جابر الصباح"

العدد 1443 - الجمعة 18 أغسطس 2006م الموافق 23 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً