أقرت «هآرتسش» في افتتاحيتها بأن «إسرائيل» هزمت في حربها ضد حزب الله مستغربة عدم اعتراف القيادة الإسرائيلية بذلك على رغم ان الجمهور يدرك هذه الحقيقة. فيمكن الاستخلاص من خطاب أولمرت أمام «الكنيست» ان الفشل الذي يشعر به الإسرائيليون في الشارع لم يخترق بعد صفوف الحكومة. وسخرت من كلامه عن ان نتائج الحرب أحدثت تغييراً استراتيجياً في الشرق الأوسط، فالغريب في هذا الكلام أنه جاء قبل التأكد من ان وقف إطلاق النار سيسري بشكل كامل وقبل عودة الجنديين الإسرائيليين وقبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب وقبل نزع أسلحة حزب الله والتثبت من أنه لن يعيد بناء ترسانته. واعتبرت ان تصريحات أولمرت بأنها محرجة خصوصاً تأكيده بأن الجنود الإسرائيليين خرجوا منتصرين من جميع المواجهات التي خاضوها ضد مقاتلي حزب الله، فهذا الأمر لا يعكس الحقيقة التي تكشفت للجميع خلال المعارك الشرسة التي دارت في جنوب لبنان طوال شهر كامل. فالجيش الإسرائيلي أرغم مراراً على احتلال القرية نفسها ولم تتمكن جهوده البرية من التخفيف من هجمات حزب الله الصاروخية. وأكدت ان الجمهور يدرك أن الجيش لم يحقق نصراً ولا يمكن إقناعه بغير ذلك في خطابات تشوه الحقائق. وأضافت كاشفة ان أهالي الجنود يعرفون قصص الطعام والمعدات التي لم تكن تصل إلى أولادهم خلال المعارك. وردت على عبارة قالها أولمرت وهي «إني أسمع أصوات تعبر عن انزعاجها»، فاعتبرت ذلك استخفافاً بالانتقادات التي توجه إليه وإلى القيادة العسكرية وغير ذات قيمة. ودعت القيادة الإسرائيلية إلى توضيح الأسباب التي جعلت الجيش والشارع الإسرائيليين غير مستعدين لهذه الحرب، مؤكدة ان مصير حكومة أولمرت يعتمد على مدى شفافيتها في هذا الخصوص. وخلصت محذرة من أنه إذا كان خطاب أولمرت يشير إلى بداية حقبة جديدة من الديماغوجية بدلاً من نقد الذات، فذلك يعني ان أولمرت يفتقر إلى التواضع والشجاعة الضروريين للقيام بتغيير جوهري للنظام الإسرائيلي. وهربت «جيروزاليم بوست» من الفشل في لبنان بالدعوة إلى النضال «من أجل السلام» فهي وإن سخرت من إعلان جميع أطراف الحرب الأخيرة على لبنان النصر في المعركة، سواء أكان الرئيس الأميركي جورج بوش أم إيهود أولمرت أم أمين عام حزب الله حسن نصرالله. أكدت أن لا أحد من هؤلاء قد يكون على صواب ولكن هناك إجماع يتفق مع الأسد ونصرالله بأن «إسرائيل» هزمت في هذه الحرب. غير ان الصحيفة لا تستسلم أيضاً فمعايير الهزيمة والربح لا تعتمد على الحرب بحد ذاتها بل على من سيكسب السلام، فإذا استسلمت «إسرائيل» وأميركا وأوروبا لنتيجة الحرب فإن الهزيمة ستكون حتمية. مشددة على ضرورة عدم الاستسلام بعد أن أعلن نصرالله أن حزب الله لن يسلم سلاحه في وقت أكد الأسد دعمه للحزب اللبناني لأن المقاومة ضرورية وطبيعية ومشروعة، وإعلان وزير الدفاع اللبناني إلياس المر ان الجيش اللبناني لن ينتشر في الجنوب لينزع سلاح حزب الله والقيام بالعمل الذي لم تستطع «إسرائيل» القيام به. من هنا استغربت إصرار بوش وأولمرت على ان الإسرائيليين والأميركيين يسيرون قدماً باتجاه تجريد حزب الله من أسلحته وإرساء واقع جديد على الحدود الشمالية. فدعت أوروبا وأميركا للعمل على قدم وساق لنزع أسلحة حزب الله وإجراء تحقيق مع إيران وسورية عن دعمهما لحزب الله وتسليحه. كما دعت الاتحاد الأوروبي خصوصاً لتهديد لبنان بإدراج حزب الله على لائحة المنظمات الإرهابية واعتبار لبنان راعياً للإرهاب، إذا ما رفضت بيروت نزع أسلحة الحزب. كذلك طالبت الأمم المتحدة بفرض عقوبات على كل من سورية وإيران نتيجة دعمهما العلني لحزب الله وما وصفته بانتهاك استقلال لبنان. فإذا لم يحاول بوش وأولمرت الاستفادة من الدروس الواضحة لهذه الحرب لتحقيق تغيير دراماتيكي في السياسة الأممية والأوروبية، فإن مزاعمهما بالنصر ستذهب أدراج الرياح وسيعيد التاريخ الدموي الأخير نفسه حتماً
العدد 1442 - الخميس 17 أغسطس 2006م الموافق 22 رجب 1427هـ