حزب الله ليس هو مصدر المشكلة في الشرق الاوسط، بل هو مشتق ثانوي من السبب، الذي هو النزاع المأسوي على فلسطين والذي بدأ العام 1948. الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط في دوامة من أوله إلى آخره. تكرار لنزاعات مستمرة في منطقة ما أو بأخرى منذ المحاولات الفاشلة للأمم المتحدة لإيجاد دولتين منفصلتين للإسرائيليين والفلسطينيين العام 1948. الحريق الهائل الحالي عبأ العالم. الآن لدينا فرصة أكثر من أي وقت مضى، لربط هذه الاهتمامات والطاقة لتحقيق حل شامل لمأساة استمرت 58 عاماً، ولا يمكن لغير الولايات المتحدة أن تقود الجهد المطلوب للإمساك بهذه الفرصة. الخطوط العريضة لتسوية شاملة كانت ظاهرة منذ تداعت جهود الرئيس الأميركي بيل كلينتون العام 2000. العناصر الرئيسية تضم:
دولة فلسطينية على أساس حدود 1967 مع تعديلات بسيطة متفق عليها بين الفلسطينيين و«إسرائيل».
يتنازل الفلسطينيون عن حق العودة وتجاوب «إسرائيل» من خلال إزالة مستعمراتها في الضفة الغربية، كذلك مع تعديلات يتم الاتفاق عليها بالتبادل. الذين نزحوا على الجانبين يتسلمون تعويضات من المجتمع الدولي.
ملك السعودية الملك عبدالله يعود ليؤكد من دون إبهام الالتزام الذي قدمه العام 2002 بأن العالم العربي مستعد للدخول في علاقات طبيعية كاملة مع «إسرائيل» لدى انسحابها من أراض احتلتها العام 1967.
تعمل مصر والسعودية مع السلطة الفلسطينية لإنشاء حكومة على نسق اتفاق النقاط الـ 18 الذي تم الوصول إليه بين أسرى حماس وفتح في السجون الإسرائيلية في يونيو/ حزيران. هذه الحكومة تتفاوض نيابة عن السلطة.
تنتشر قوة دولية كجزء من وقف إطلاق النار لتيسير المرور والإشراف عليه من غزة والضفة الغربية وإليهما.
تعيين القدس عاصمة مشتركة لـ «إسرائيل» وفلسطين بضمانات دولية مناسبة لحرية الحركة والحياة الاجتماعية في المدينة.والسؤال: كيف يمكن تنظيم عملية كهذه؟
الأسلوب الواضح لتوجيه العملية سيكون اللجنة الرباعية (الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، روسيا والأمم المتحدة)، والتي أنشئت العام 2001 لهذا الهدف. اللجنة الرباعية، ابتداءً بمستوى وزراء الخارجية، تقوم أولاً بتنظيم القوة الدولية الضرورية لجنوب لبنان وغزة ثم تنادي بوقف إطلاق النار. يجب أن يكون للقوة الدولية تكليف وقدرة على التعامل بحزم مع أعمال العنف. الوضع الأفضل أن تكون القوة من حلف الناتو أو على الأقل بقيادته. وإدراكاً للمعوقات السياسية فإن الحقيقة هي أن مشاركة أميركية مباشرة في قوة كهذه مرغوبة بشدة - بل وأساسية - لإقناع أصدقائنا وحلفائنا بالمساهمة في القدرات المطلوبة.
مع وقف النار وقوة أمن على الأرض تقوم اللجنة بإنشاء إطار للتفاوض على عناصر محددة لتسوية شاملة يتم بعدها زيادة «إسرائيل» والسلطة الفلسطينية وممثلين عن دول عربية مناسبة (مثلاً الأردن، السعودية، مصر ولبنان) إلى العملية لإتمام المفاوضات المفصلة.
فوائد الوصول إلى تسوية شاملة للسبب الجذري لدوامة اليوم سيكون لها على الأرجح أبعاد إلى ما وراء الفلسطينيين والإسرائيليين. فتسوية سلام شامل لن تنزع أنياب المتطرفين المتشددين في لبنان وفلسطين فحسب (وأنصارهم في دول أخرى) وإنما ستحد كذلك من تأثير إيران، وهي الدولة التي تشكل أكبر تهديد محتمل للاستقرار في السعودية والعراق ومصر والأردن، بسبب عقيدتها الحالية. والتسوية الشاملة ستسمح للقادة العرب كذلك بأن يركزوا على ما يقول غالبية الناس انه قلق دولي: تحديث دولهم لتوفير فرص العمل والحياة المثمرة لشعوبهم التي تتناسل بسرعة. من المحتمل كذلك أن تسوية شاملة قد تساعد على استقرار العراق. إيران يجري تأديبها، مجردة من «ورقة إسرائيل» قد تكون أكثر استعداداً للوصول إلى وضع متفق عليه بين السنة والأكراد في العراق، وكذلك مع الولايات المتحدة. جميع الأنظار في المنطقة، بما فيها العراق، بحاجة إلى عراق مستقر مزدهر يسوده السلام، والطريق إلى تحقيق ذلك قد يقود شرقاً من قدسٍ يجري التشارك فيها سلمياً من قبل الفلسطينيين والإسرائيليين. هذه الحلقة الأخيرة فيما يبدو أنه سلسلة من الاشتعالات في المنطقة قد توفر فرصة نادرة في الشرق الأوسط نحو الأفضل في جميع الأوقات. دعونا لا ننكمش عن هذه المهمة.
برنت سكوكروفت
مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس جيرالد فورد وجورج بوش الأب
العدد 1441 - الأربعاء 16 أغسطس 2006م الموافق 21 رجب 1427هـ