يقال إن من يشرب من ماء النيل يتسم بسمة أهله ولاسيما في خفة الظل والتعايش مع ظروف الحياة الصعبة وتقبل الواقع بروح رياضية تتجلى واضحة في أوقات الشدة والمحن، إلا أننا قطعيا لا نملك تلك الروح لذلك الشعب الفكاهي وإن شربنا المحيط بأكمله وأصدق مثال على ذلك حوادث العالم الراهنة والعدوان الإسرائيلي على لبنان ففي حين نعتصم ونندد بالمجازر يتعامل الشعب المصري مع الأزمة بمختلف الوسائل. نتشاطر في بعضها ونتفق، في حين نختلف في البعض الآخر. والأهم أنهم ينفردون دون سواهم بالتعبير السياسي الضاحك كرد فعل عفوي على الأوضاع الراهنة ولاسيما المصريين البسطاء الذين اعتادوا السخرية من أوضاعهم الحياتية وتمردوا على أوضاع أمتهم المخزية ليتبعوا أسلوب الإسقاط.
على سبيل المثال لا الحصر، استحضار عنوان فيلم «عودة النذلة» بطولة الممثلة المصرية الكوميدية عبلة كامل المعروض حالياً في دور السينما المصرية لكي يصف عودة وزيرة الخارجية التي تتبنى المواقف الإسرائيلية العدوانية ضد لبنان.
ولم ينجُ أمين عام الجامعة العربية عمرو موسى من السخرية فقد أطلق عليه اسم فيلم «واحد من الناس» للممثل كريم عبدالعزيز الذي يمثل دور «محمود» رجل الأمن المسالم الذي يحب زوجته وينتظر مولوده الأول، لكنه يقابل موقفا لعصابة مجرمين يوقعه في حيرة ما بين السكوت على الخطأ أو توريط نفسه في مواجهة صعوبات تعود عليه بمشكلات كما حدث في الفيلم. ولموقف العالم العربي من العدوان على لبنان نصيب من تلك التعليقات والسخريات، إذ أطلق على تخبط الحكومات العربية وصمتها على ما يجري، وتورط بعضها في نقد المقاومة والقول إن المقاومة والحرب لن تعيد الأرض المحتلة، اسم الفيلم الكوميدي «لخمة راس»، و«شاهد ما شافش حاجة»، وهذا ما يصفه علماء الاجتماع بالتعبير السياسي الضاحك أو المقاومة الفكرية كلون من التنفيس السياسي الهزلي
العدد 1441 - الأربعاء 16 أغسطس 2006م الموافق 21 رجب 1427هـ