العدد 1441 - الأربعاء 16 أغسطس 2006م الموافق 21 رجب 1427هـ

أفلام الإثارة العربية والإصابة بالعجز الجنسي

في ذروة الأداء والقيمة، وإن كان بالأبيض والأسود، أيام الثلاثي: جورج سيدهم، سمير غانم، وضيف، كان الثلاثة يشكلون وحدة فنية وعضوية في سينما كانت في طريقها الى التلاشي والضمور. ليس لأن الألوان في الطريق لفضح الأداء والأطراف القائمة عليه، بل لأن ثمة تشبّعاً وانفلاتاً وفراغاً في النجومية، كان يلوح في الأفق.

كان ضيف بقامته وسمرته، أكثرهم استحواذاً على اهتمام ومتابعة الجمهور. سيدهم كان ملفتاً هو الآخر ربما لسمنته ورشاقته في الأداء! فيما سمير غانم بـ «صلعته» الشهيرة وقتها، كان ضمن الممثلين الشباب الذين عانوا طويلاً كي يثبّتوا قدماً لهم في سينما تقوم على الوسامة، والعلاقات، وحتى العشيرة!

الثلاثة لا مكان لهم في الثالوث الضروري للولوج الى عالم السينما، وحتى المسرح، لكنهم حققوا وسامة نسبية في الأداء، وربطوا جسوراً من العلاقات مع جمهور ملّ الكبار، ليس لأدائهم، بل لإصرارهم على أنهم مازالوا في مقتبل العمر، فيما هم في النَفَس الأخير من لهاثه.

خطف الموت ضيف، وتمسك الثنائي: سيدهم وغانم بمواصلة مشوار كانا يعلمان أنهما لن يحققا فيه أي تميز يذكر، بعد غياب ضيف، على الأقل على المدى البعيد، وذلك ما حدث، فباستثناء ثلاثة الى أربعة أعمال مسرحية لم يستطع أي منهما تحقيق عمل ذي قيمة فنية ترسّخه في ذاكرة الأعمال الخالدة في المسرح المصاب بداء ندرة الخلود! إلا اذا اعتبرنا التهريج و«قلة الأدب» والخروج على النص لسبب ومن دون سبب، قيمة، وتميزاً، وبطاقة مرور الى الخلود!

أكثر الذين أمعنوا في إسفافهم وسقوطهم في الثلاثي المذكور، هو غانم، إذ لم يتردد في أن يكون عريف حفل في زواج، أو إشبيناً في كنيسة، أو حتى جليسة أطفال في بعض برامج القنوات الفضائية الخاصة! فيما ظل سيدهم مراهناً على سمنته، وأي خسارة في معدل تلك السمنة يعني خسارة لجرعة مهمة من خفة الدم التي ظل مصرّا على أنها تمضي في مسار واحد مع السمنة، ولا يمكن لأحدهما الانفصال عن الآخر.

المشكلة أن سيدهم لم يخسر من سمنته بقدر ما راكم تلك السمنة التي خذلته على مستوى الأداء، ومن ثم على مستوى خفة الدم، ليرحل من دون أن يشعر بسقوطه المدوّي أحد من جيل الانفتاح على مهارات وإمكانات العالم، بعد أن ظل جزء لا يستهان به من العالم العربي يؤمن بأن مصر (أم الدنيا) في كل شيء، بدءاً بالسينما، وليس انتهاء بحيّ الباطنية!

لا توجد ممثلة، باستثناء نادية الجندي، تثير الاستغراب، كنبيلة عبيد في اصرارها على أداء أدوار باتت أكثر من باهتة ومكررة وساذجة، وتفتقد الى اللون والطعم والرائحة، وخصوصاً حين تطعّم تلك الأدوار بمشاهد تتوهم أنها ساخنة، يحاول المخرج إقناع الجمهور بأنها جنسية، فيما هي تصيب غالبية متابعيها بالعجز الجنسي!

منذ «الراقصة والسياسي» ونبيلة عبيد «تردح» في الفراغ، وبالغنج نفسه، أيام كانت في منتصف العشرينات، وفي ذروة حضورها، على رغم أنها تجاوزت أعمار جدّات ليس في السينما العربية وحدها، بل والعالمية، ومع ذلك تصر على أنها مازالت في سنة أولى جامعة!

متى ستتعامل السينما العربية مع مشاهديها بروح مسئولة، وبعيداً عن الاستغفال، والاستهبال، ومخاطبة كبتهم الجنسي والسياسي؟ يبدو أن ذلك لن يحدث، مادامت مافيا هذه الصناعة متورطة في إتمام دور التخدير الذي تقوم به مافيا المخدرات!

العدد 1441 - الأربعاء 16 أغسطس 2006م الموافق 21 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً