(ملاحظة: هذه بعض مقالات نشرت في كتاب «مداخلات في الفكر والسياسة... نحو تأصيل إسلامي للنهج التعددي» من تأليف رئيس تحرير صحيفة «الوسط» البحرينية منصور الجمري في 2008، ويعاد نشر أجزاء منه لارتباطها بتطورات الربيع العربي الذي أوصل اتجاهات إسلامية تؤمن بالتعددية الى سدة الحكم. كما ان المقالات كتبت في نهاية التسعينات من القرن الماضي في لندن، وبعضها كان نتاجاً لتفاعلات فكرية مع زعيم حركة النهضة التونسية الشيخ راشد الغنوشي، ووزير الخارجية التونسي الحالي رفيق عبدالسلام).
****
يقول المفكر الإسلامي الاندونيسي نورشليش مجيد في إحدى كتاباته: «إن المفاهيم الحيوية يتم تعطيلها على رغم وضوح مصادر الإسلام وأهمها القرآن الذي حفظه الله من التحريف. لقد حفظ الله القرآن من التحريف، ولكن فهم المسلمين لما هو وارد في كتاب الله لا بد له أن يتطور ليتضمن تجارب الإنسانية ويشارك في تطوير تلك التجارب بالاتجاه الذي يدعو له القرآن. وهذا يتطلب عدم تعطيل المفاهيم الحيوية وعدم عرقلة تطبيقها في مجتمعاتنا».
ويذكر رضوان زيادة في دراسته التي نشرت في مجلة «المستقبل العربي» (أكتوبر/ تشرين الأول 1998)، أفكاراً نوعية لشخصيات إسلامية تتعلق بحقوق الإنسان والديمقراطية والتعددية، اذ يعتبر محمد الغزالي «حقوق الإنسان في الإسلام ليست منحة من ملك أو حاكم، أو قراراً صادراً عن سلطة محلية أو منظمة دولية، وإنما هي حقوق ملزمة بحكم مصدرها الإلهي لا تقبل الحذف ولا النسخ ولا التعطيل ولا يسمح بالاعتداء عليها ولا يجوز التنازل عنها».
أما علي عبدالواحد فيؤكد أن «الإسلام هو أول من قرر المبادئ الخاصة بحقوق الإنسان في أكمل صورة وأوسع نطاق، وان الأمم الإسلامية في عهد الرسول عليه السلام والخلفاء الراشدين من بعده كانت أسبق الأمم في السير عليها، وان الديمقراطيات الحديثة لاتزال متخلفة في هذا السبيل تخلفاً كبيراً عن النظام الإسلامي».
ويعتبر محمد عمارة حقوق الإنسان في الإسلام ضرورات لا حقوقاً، فيقول: «اننا نجد الإسلام قد بلغ في الإيمان بالإنسان وتقديس حقوقه حدّاً تجاوز به مرتبة (حقوق) عندما اعتبرها ضرورات ومن ثم أدخلها في إطار الواجبات».
ويرى راشد الغنوشي أن «حقوق الإنسان في الإسلام تنطلق من مبدأ اعتقادي أساسي أن الإنسان يحمل في ذاته تكريماً إلهيّاً، وأنه مستخلف عن الله عما في الكون، الأمر الذي يخوله حقوقاً لا سلطان لأحد عليها».
أما يوسف القرضاوي فيرى أن «الإسلام عني بحقوق الإنسان قبل أربعة عشر قرناً من الزمان، كل إنسان من أي جنس كان، ومن أي دين كان، ومن أي إقليم كان، وذلك بناء على فلسفته في تكريم الإنسان من حيث هو إنسان».
ومع تزايد اهتمام العالم بحقوق الإنسان؛ كتب أحمد كمال أبو المجد «إعلان مبادئ» سماه «رؤية إسلامية معاصرة»، ليجعل منها دعوة لتشكيل تيار إسلامي جديد متفق عليه وجعل من أسسها «مبدأ احترام حقوق الأفراد وحرياتهم الا حيث تجور ممارسة تلك الحقوق على مصالح الكافة أو تعرضها للخطر». ويرى أن «من المؤسف له أن قضية الشورى وحقوق الإنسان لا تحتل في أكثر نماذج الفكر الإسلامي المنتشر بين الشباب الغاضب مكانها الصحيح».
لقد بدأ التأسيس الإسلامي لمفاهيم حقوق الإنسان وقبول التعددية في الرأي نهاية الأربعينات من القرن الماضي مع العودة إلى استخدام المقولة القرآنية عن «الاستخلاف الإلهي للإنسان» على الأرض في مواجهة مقولة «القانون الطبيعي» التي تأسس عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948. وكان أول من طرح هذا الموضوع عبدالقادر عودة، ثم طور محمد عبدالله دراز فكرة التكريم الإلهي هذه استنادا إلى القرآن، فقال: إن الإنسان كرم من الله بأربع كرامات؛ هي: كرامة الإنسانية والاستخلاف والإيمان والعمل. ثم نظر السيد محمد باقر الصدر في نهاية السبعينات إلى موضوع «خلافة الإنسان وشهادة الانبياء» قائلاً: «ان الله سبحانه وتعالى شرف الإنسان بالخلافة على الأرض فكان الإنسان متميزاً على كل عناصر الكون بأنه خليفة الله على الأرض». وتحدث السيد الصدر في مقام آخر عن صفات الله تعالى، مشيراً إلى أن هذه الصفات الالهية تعتبر المقاييس والضوابط الموجهة لسلوك الإنسان.
هذا التأصيل الإسلامي لمنظومة القيم مازال بحاجة إلى المزيد من التعميق، لأن منظومات القيم المطروحة عالميّاً أصبحت متجذرة في الأنظمة العالمية سواء منها السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية. فبالإضافة إلى مفهوم «القانون الطبيعي» (الذي يتوافق مع كثير من مفاهيم الإسلام التي تتحدث عن الفطرة) هناك منظومات القيم القائمة على الفلسفات المادية والوجودية والعدمية وما يسمى فكر «ما بعد الحداثة» القائم على مجموعة من الفلسفات المذكورة بالإضافة إلى الإيمان بـ «النسبية» و«المنظورية»، بمعنى أن الحق والباطل ما هما الا أمور نسبية خاضعة للمنظور الإنساني المتغير مع الزمن. فما هو خطأ في الماضي ليس بالضرورة خطأ في الحاضر وليس هناك حق (أو باطل) دائم ومطلق.
التأصيل الإسلامي يتأخر عن الركب العالمي بسبب الجمود الفكري الناتج عن الضغط السياسي المنتشر في البلاد الإسلامية. ولهذا فإن التحديات الحضارية أمام المسلمين لا يمكن مواجهتها الا باحترام الإنسان في ظل مجتمع مدني قائم على حكم القانون الدستوري. وهذه هي فحوى الدعوة التي وجهها السيد محمد خاتمي في كلمته التي ألقاها أمام القمة الإسلامية في (9 ديسمبر/ كانون الأول 1997). إذ يعتبر ذلك الخطاب محاولة جريئة لتأصيل الطرح الإسلامي بخصوص المجتمع المدني وحكم القانون والحريات السياسية والمواطنة والتعددية.
لقد استطاع خاتمي ان يقدم تصوره و«حلمه» الذي يسعى لتحقيقه في المجتمع. ولهذا فإن دعوته لاعتبار «مدينة الرسول» المدينة المعنوية، هي دعوة لبناء النموذج النظري في الذهنية الإسلامية، هذا النموذج النظري الذي ينبغي له أن يتعاطى الخبرات الإنسانية المتطورة وتقديم «مدينة النبي» مرة أخرى للمسلمين على أنها مدينة تسمح بالحريات السياسية والدينية وتنافس «المدينة الغربية» في تقديم الحلول لإسعاد بني الإنسان في هذه الدنيا قبل الآخرة
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 3469 - الثلثاء 06 مارس 2012م الموافق 13 ربيع الثاني 1433هـ
بين قلمين
سأقول شيئ للقارئ
إذا رايت كتابة لقلم مر علية أكثر من عشر سنوات مثل المذكور اعلاة، فإنة يلزمني احترامة وتقديره، لأنة يبحث عن كرانة الإنسان وسعادتة الحقيقية، وإذا رأيت قلما بعد عشر دقائق همه التحريض والسب ولصق التهم، فإنة يلزمني أن استسخاف صاحبة لخقة موضعة بين أسيادة وأتباعة، فهنيئا لك يا دكتور منصور لهذه الإنسانية التي باركها فيك أبونا الجمري الذي لم ولن يرحل
future is bright
This type of Brain Food is good but the people are busy trying to feed their family and themselves therefore what ever you try pure some knowledge into them they want listens simply because they are Hungry. This process is still going on and they employ inhuman to implement it.
But the future is bright the future is in the Hand of the Bahrainis
هذه المواضيع ذات شأن كبير
نحن بحاجة إليها ولكن للأسف لا اجد تعليقات على الموضوع لأنه غير مفهوم لدى العامة فلنرتقي فكريا يا دكتور منصور
فقط لاقول صباح الخير
صباح الخير استاذنا الفاضل
وصباح الخير للكادر العامل في صولات الحق
وصباح الخير للشعب
وصباح الخير للوطن
وصباح الخير للعرب
...
صباحكم سكر وعسل
مدينة الرسول
دمتم فكراً نيراً دكتور