العدد 3461 - الإثنين 27 فبراير 2012م الموافق 05 ربيع الثاني 1433هـ

حرق المصحف الشريف... إلى متى؟

سليم مصطفى بودبوس slim.boudabous [at] alwasatnews.com

-

ليس إحراق أوراق من المصحف الشريف وأعني البالية منها أو الممزقة خطأ أو عيبا طالما تُحرِّك النوايا الحسنة للفاعل بل ربما فيه ما فيه من الحرص على أوراق المصحف التي اكتسبت قداسة بسبب المكتوب فيها بحيث لا تعامل كغيرها من الأوراق العادية.

لكنّ إقدام الجنود الأميركيين في قاعدة «باغرام» العسكرية في أفغانستان أخيرا بإحراق المصحف أو أوراق منه أو كتب دينية ما هو إلا حلقة جديدة في مسلسل من الإهانة والعنصرية ضد الدين الإسلاميّ الحنيف.

ومهما حاولت «البنتاغون» تبرير ذلك الحدث بافتراضات واهية من قبيل أن إدارة السجن قرّرت سحب بعض الكتب من المكتبة والتخلص منها بتعلّة أنّ بعض المساجين كانوا قد استخدموها لتبادل الرسائل فيما بينهم، فإنّ الحقيقة التي تطفو على السطح أنّ هناك فعلا استفزازيا متعمّدا من قبل هؤلاء الجنود ولم يكن مجرّد «إحراق بالخطأ»على حدّ قول رئاسة أركان قوات الناتو. وما اعتذار المتحدث باسم البيت الأبيض «جاي كارني» ولا رسالة الرئيس أوباما الاعتذارية إلى الرئيس الأفغاني إلا دليلا قاطعا على سبق الإصرار والتعمّد لدى أولئك الجنود. وما ينفع الأفغان اعتذارهم وقد دخلت البلاد في دوّامة من العنف بين المحتجين الزاحفين على القاعدة العسكرية الأميركية أو سفارتها في كابول؟

وهؤلاء الجنود العنصريون قد تلقّوا بشكل مباشر أو غير مباشر تربية على الحقد والكراهية من القس «تيري جونز» فإذا كان رجل الدين هذا قد دعا في 2010 إلى إحراق المصحف الشريف في كنيسة بفلوريدا فما بالك بعوام الأتباع وجنود الاستفزاز.

إن هذه الخطوات وغيرها لن تنتج سوى مزيد من إحكام العداء بين المشرق الإسلامي والغرب المسيحي إذا سلّمنا بهذا التقسيم على أساس دينيّ – وهو ما لا يمكن إنكاره كليا - وانظر إلى مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات تجد مصداق ما ذكرناه من حالة هيجان متبادل جرّاء هذه الأعمال المشينة.

فمنذ أحداث 11سبتمبر/ أيلول 2001 لا ينفك المتطرفون في الغرب من ابتداع ألوان شتى من الأذى والإهانة لأعزّ المقدسات الإسلامية: القرآن الكريم والرسول محمد (ص) فلاتزال الرسوم المسيئة لخاتم الأنبياء (ص) تشحن الأجواء خاصة وقد تأكد أن الحدث ليس فرديا فالصحيفة نشرت والجمهور قرأ ولم ينكر والمثقفون لم يعتذروا ولم يتبرّأوا ورجال الدين سكتوا سكوت المقرّ الراضي بالحدث والحكومة الدنماركية سيق لها كل عزيز ولم تعتذر ولم تر في الأمر شيئا بل تلقى أولئك الدعم من الهيئات والمؤسسات الدولية فعلى سبيل الذكر لا الحصر قال رئيس جمعية مراسلون بلا حدود روبرت مينارد عن الصحيفة الدنماركية «يولاندس بوستن» التي نشرت الرسوم: «إنها علّمت العالم درسا في حريّة التعبير عن الرأي». ولكن هيهات هيهات فأين حرية التعبير والرأي إن تعلّق الأمر بالمحرقة اليهودية المزعومة... ومن يجرؤ على التشكيك فيها؟ فإن لم يصفَّ جسديا فإن المتابعات القضائية لن تتركه بأمان.

إنّ في إحراق المصحف الشريف إهانة وأيّ إهانة وفيها من الاستفزاز ما تنوء بتحمّله أفئدة الحكماء والعاقلين فما بالك بالشباب المحترق على أرضه ودينه وعرضه في أفغانستان.

إنا وإن كنا ندعو إلى التعقل في مثل هذه المواقف فإننا نجد العذر لهؤلاء الذين هبّوا احتجاجا على أفعال جنود الاحتلال في أفغانستان غير أن هذه الهبة الاحتجاجية قد تصبّ في مصلحة «طالبان» التي دعّمت هذه الاحتجاجات واستغلّت تصاعد مشاعر الكراهية للولايات المتحدة لإضعاف موقف الحكومة الأفغانية والرئيس قرضاي.

إذاً وراء الإحراق إهانة ووراء كل ذلك إثارة للفتنة داخل بلد لا تريد له أميركا الاستقرار.

ولكن كيف نردّ نحن المسلمين الاعتبار لمصحفنا الشريف وقرآننا الكريم؟

لعلّ أقلّ واجب علينا - بعد استنكار أفعالهم - العمل على نشر المصحف في أرجاء العالم من خلال المساهمة في طبعه وتوزيعه حتى يصل إلى كل إنسان على قيد الحياة في الكرة الأرضية، كما يكون رد الاعتبار بمزيد التوعية بفضل هذا الكتاب العظيم ونشر قيمه السمحاء بالفعل قبل القول، وأمّا أفضل الطرق لردّ الاعتبار للمصحف الشريف فهو حفظه عن ظهر قلب وتشجيع أبنائنا على ارتياد مراكز التحفيظ منذ سنّ مبكرة لعل الله يفتح بهم وعليهم.

إنهم بدعواتهم إلى حرق القرآن وأفعالهم تلك إنما يحرقون ما تبقى من هامش ضئيل للالتقاء والتصالح بين المسلمين والغرب المسيحي، فإلى متى يتواصل مسلسل غير شريف ضدّ المصحف الشريف

إقرأ أيضا لـ "سليم مصطفى بودبوس"

العدد 3461 - الإثنين 27 فبراير 2012م الموافق 05 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 11 | 2:57 م

      شكرا

      شكرا على التطرق لهذا الموضوع فإن لم يكن فيه شيء يعجب البعض فعلى الأقل من القلائل في البحرين الذين تعرضوا لهذا الموضوع المهم

    • زائر 10 | 1:31 م

      دعه يعمل دعه يمر

      لم نعرف وجهتك يا استاذ على من تدافع عن الليبراليين ام عن الاسلاميين؟ ام عن نفسك ومرجعياتك المتلونة الخاصة..
      مواضيعك ليس لها رابط وانما يفرضها الآخرون.كن اكثر عمقا في طرح المسائل.. عندك بعض الأخطاء ( إقدام الجنود ..بإحراق المصحف)( الشباب التونسي الذين )...

    • زائر 9 | 1:30 م

      أين مواقف الرؤساء والملوك العرب والمسلمين

      بالله أخبروني هل حرك أحد منهم ساكنا
      ربما فاتني أن اسمع أو أقرأ
      أخبروني عافاكم الله

    • زائر 8 | 1:24 م

      حرق المصحف الشريف... إلى متى؟ حرق المصحف الشريف... إلى متى؟

      حرق المصحف الشريف... إلى متى

      إلى أن يصبح للمسلمين قوة وسلطان يهابه الآخرون

      إلى أن يضرب المسلم المثل في التقدم العلمي والأخلاق العالية

      وأشياء أخرى ضرورية

    • زائر 7 | 9:35 ص

      قلتَ

      إن هذه الخطوات وغيرها لن تنتج سوى مزيد من إحكام العداء بين المشرق الإسلامي والغرب المسيحي إذا سلّمنا بهذا التقسيم على أساس دينيّ – وهو ما لا يمكن إنكاره كليا - وانظر إلى مواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات تجد مصداق ما ذكرناه من حالة هيجان متبادل جرّاء هذه الأعمال المشينة.

      وحتى لا يستحكم العداء لا بد من دواء فمن لنا به؟؟

    • زائر 6 | 6:07 ص

      يحترق ورقا وتشتعل قلوبنا حسرة

      المسلمون في حاجة إلى مراجعة أنفسهم وإعمار قلوبهم بروح القرآن حتى يوقفوا هذه المهازل

    • زائر 5 | 5:27 ص

      وراء الإحراق إهانة

      هل المسألة إحراق أوراق أم إحراق قلوب المسلمين
      والله هزلت لأن تكرارها أكبر دليل على الاستهتار والإهانة

    • زائر 3 | 2:52 ص

      المسلسل الغير شريف!!

      يقول المثل ((عندنا وعندكم خير)) هي الاّ(( Sori))
      مقدور عليها اي مستعمر او مستكبر يريد الشرّ والتسلط على المسلمين يبعدهم عن عقيدتهم وكل مايربطهم بها بشتى التطرق بالطيب ،بالقوة،بالكذب،بالإتهام،بالتشويه في المعتقدات،بإدخال الشبهات،باستخدام علماء البلاط وهاوين الفتاوي على مرالعصور فتش وشوف !!
      من حرق المكتبات العلمية من هدم الحوزاتمن اعتقال العلماء واغتيالهومن من من الخ...

    • زائر 2 | 1:40 ص

      إلى أجل غير محدود

      فإلى متى يتواصل مسلسل غير شريف ضدّ المصحف الشريف


      للأسف حتى يستفيق المسلمون ويعودون إلى هيبتهم التي كانوا عليها.

    • زائر 1 | 12:38 ص

      سلام

      كلام صحيح مئة بالمئة لكن الادهى من ذلك ان ترى في احد البلدان العربية الاسلامية والتي يقول دستورها بان الاسلام المصدر الاول للتشريع ان ترى من يبرر هدم المساجد وحرق القرآن!!

اقرأ ايضاً