العدد 3459 - السبت 25 فبراير 2012م الموافق 03 ربيع الثاني 1433هـ

الأمميون الجُدد

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من الأمورالجديدة التي شهدها الربيع العربي، بروز طبقةٍ شبابيةٍ واعدة من الحقوقيين والناشطين السياسيين، في انبعاثةٍ لنوعٍ جديد من الأممية.

في العقدين الأخيرين كُتبت آلاف الكتب وملايين المقالات عن «العولمة»، يسيطر على أغلبها هاجس الخوف من «الغزو الفكري»، وخصوصاً أثرها الأخلاقي المدمر. ولم يكن أحدٌ من الحكام أو الشعوب يحسب أن يوماً سيأتي تتحوّل فيه «العولمة» بأدوات اتصالها الحديثة، إلى عوامل تثوير للواقع المر وإسقاط عدد من الحكام الموالين للغرب.

الجيل الذي سبقنا عاش تجربة الأممية الشيوعية في منتصف القرن العشرين، وكان الاتحاد السوفياتي يستقطب الحركيين من بلدان العالم الثالث في آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية. وفي نهاية السبعينيات شهدت المنطقة صعود حركة «الصحوة» الإسلامية، مع ما صحبها من تطورات في إيران وتداعياتها على تركيا وأفغانستان وباكستان ومصر وعموم المنطقة. هذه «الصحوة» بدأت بشيوع روح من «الأممية الإسلامية»، ولكنها سرعان ما انتهت بفعل المكايد الخارجية والغفلة الداخلية، وتحوّلت إلى صراعات داخلية ومذهبية مفتعلة، ازدادت حدتها في السنوات الأخيرة.

اليوم، ومع بروز الربيع العربي، شاعت روحٌ جديدةٌ من الأمل بالتغيير، مع ولادة جيل شبابي جديد، استعاد روح المبادرة، ونزل الميادين العربية، واعتصم في الساحات العامة. وبينما كانت الأجيال السابقة تتأثر غالباً بالموجات الثورية القادمة من الخارج، وتستلهم نماذجها من رموز النضال العالمي مثل تشي جيفارا وماوتسي تونغ، نرى الجيل الجديد قد أخذ بزمام المبادرة والفعل.

قبل ثلاثين أو أربعين عاماً، كان الشباب الناشط يستلهم أفكاره من الكتب والأدبيات الحركية، وكانت من وسائله كتابة المنشورات، وإصدار نشرات دورية من أوراق قليلة تضم المقالات التثقيفية وآراء القيادات الحركية، مع ما يمكن نشره من أخبار، تكون عادةً قد مضى عليها أشهر أو أسابيع.

في حديث سابق مع أستاذنا علي الشرقي، تحدّث عن طريقة تغطية الجلسات في السبعينيات، حيث تتم الكتابة باليد. وينتقل الصحافي إلى مبنى المجلة (قبل صدور الصحف)، حيث يتم الصف، ليمر عبر (الديسك) للتصحيح، ومن ثم ينتقل إلى قسم الإخراج الفني بطريقة القطع واللصق.عمليةٌ طويلةٌ مرهقةٌ اختزلتها التقنية الحديثة في «لابتوب» صغير يضعه الصحافي أو الصحافية في الحضن، ويبعث الخبر مباشرةً لتنشره الصحيفة على موقعها الإلكتروني خلال دقائق معدودة.

اليوم يمكن لأيّ شابٍ لم يتجاوز الخامسة عشرة، أن يتابع أية فعالية ويبعث بصورها عبر هاتفه النقال، لتأخذ طريقها لوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي. العالم كله تغيّر إلا الأنظمة العربية التي كان أحدهم يجهل اسم «البوك فيس» حتى قبل سقوطه بشهرين، وبعض أبنائهم المرشحين لوراثة الجمهورية يسخرون من شباب «الإنترنت» قبل عام من محاكمته مع أبيه وأخيه وبقية أركان حزبه، بتهمة قتل المتظاهرين السلميين وسرقة المليارات من قوت الشعب المصري المكافح الصبور.

جيلٌ جديدٌ من الشباب، يتواصل اليوم بلغة العالم وبأدوات العصر الحديث. تجمعه مع شباب العالم تطلعات كبرى للعيش في كوكب يسوده العدل والمساواة، في انبعاثةٍ جديدة لروح الأممية. يجمع حوله من الأنصار والمتعاطفين من مختلف بقاع العالم، حقوقيين ونشطاء سياسيين وصحافيين وإعلاميين وأصحاب رؤى يأتونه كالفراشات الحالمة.

جيلٌ لا يعترف بسلطةٍ أبوية، ولا يقر للحكام البقاء كالكوابيس على صدور الشعوب إلى الأبد. جيلٌ آمن بالتغيير، يتطلع لدولة مدنية حديثة، السيادة فيها للشعب، والقانون يطبق فيها على الجميع

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3459 - السبت 25 فبراير 2012م الموافق 03 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 12 | 1:49 م

      الغد قادم

      الغد قادم وهو ليس ببعيد المستقلون له منهم الفرح ومنهم الحزين

    • زائر 10 | 6:39 ص

      جيلٌ لا يعترف بسلطةٍ أبوية

      لدي ابن عمره اربع سنوات يقوم باخذ I PHONE ويلتقط الصور قمت ووضعت رقم سري ولكن حتى الآن يقوم بالتصوير فتفاجأت سالته شلون اتصور قال اضغط على التلفون مرتين واختار الكاميرا هههه.

    • زائر 9 | 4:47 ص

      وبعض ينادي يغلق انظمة التواصل الاجتماعي

      مما حث الطبقة المؤزومة ان تنادي بغلق او حظر انظمة التواصل الاجتماعي في البلدان التى تسود فيها اضطرابات ، فسمع بعض الكلمات والمقترحات في صحف بريطانية أراد ان يطبقها هو على الفور هنا ، فلا دستور يرجع اليه في تشريعه او هو مالك رأسه . ولهذا أخذ التبرير من بريطانيا العظمى كمبرر لا يحتاج لدراسة وتأني على طول ، حرم عليكم صيد الانترنت بكل اشكاله ومتعلقاته مسجا وصورة وصوت وكلمة وندوة ومؤتمراً واجتماعا لاننا في فترة اضطرابات ، ويأخذها عاد علوقه لمائة عام .

    • زائر 8 | 3:13 ص

      رجل الدين

      ليس بالأدنى من الحاكم المستبد ولو تولى اي فرد من الشعب عاش وسطهم وهمومهم لكان افضل من اي حاكم فما بالك برجل الدين المتقي

    • زائر 7 | 2:27 ص

      استبدال السلطات

      هذا الجيل لا يعترف بسلطه ابوية للحكام ولكنه يقدس السلطه الابوية لرجل الدين فهل هذا استبدال الخبيث بالذي هو ادنى

    • زائر 6 | 1:51 ص

      هذا هو الجيل الذي نعيش فيه

      جيلٌ لا يعترف بسلطةٍ أبوية، ولا يقر للحكام البقاء كالكوابيس على صدور الشعوب إلى الأبد. جيلٌ آمن بالتغيير، يتطلع لدولة مدنية حديثة، السيادة فيها للشعب، والقانون يطبق فيها على الجميع

    • زائر 5 | 1:38 ص

      الانسان أم الامة

      أُمٌ وأُمَّــةٌ . . !!
      أُمـيٌ وأُمَـمِّـي . . !!
      كلها إنسانية. فلا إنسان بلا أم. ولا أمة بدون الأم ..
      فأبناء الأم هم من أبناء الأمة. .وأبناء الأمة هم أبناء الأم..
      لكن . . ما بال الأمي والأممي من الناس؟؟

    • زائر 4 | 12:32 ص

      إلا الأنظمة العربية

      اليوم يمكن لأيّ شابٍ لم يتجاوز الخامسة عشرة، أن يتابع أية فعالية ويبعث بصورها عبر هاتفه النقال، لتأخذ طريقها لوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي. العالم كله تغيّر إلا الأنظمة العربية التي كان أحدهم يجهل اسم «البوك فيس» حتى قبل سقوطه بشهرين، وبعض أبنائهم المرشحين لوراثة الجمهورية يسخرون من شباب «الإنترنت» قبل عام من محاكمته مع أبيه وأخيه وبقية أركان حزبه، بتهمة قتل المتظاهرين السلميين وسرقة المليارات من قوت الشعب المصري المكافح الصبور.

    • زائر 3 | 12:26 ص

      لقد هرمنا

      الله يعطي هذا الجيل الهمة والقوة ليصنع التغيير. وكما قال التونسي يا سيد: لقد هرمنا.

    • زائر 2 | 12:07 ص

      الدكتاتوريين

      وهذا الذي خربط حسابات الانظمة الدكتاتورية فجن جنونها.

اقرأ ايضاً