العدد 3459 - السبت 25 فبراير 2012م الموافق 03 ربيع الثاني 1433هـ

الشملاوي يطعن أمام محكمة التمييز في قضية جمعية الزهراء

تقدم المحامي عبدالله الشملاوي بطعن لدى محكمة التمييز في قضية جمعية الزهراء لرعاية الأيتام، طالبا إلغاء حكم محكمة الاستئناف الذي أدان أعضاء الجمعية وطلب براءتهم.

وكانت محكمة الاستئناف أيدت حكم الدرجة الاولى التي قضت بحبس المتهم الأول محمد حبيب منصور محمد ستة أشهر وكفالة خمسمئة دينار لوقف التنفيذ عما نسب إليه في الاتهام من البند ثانيا وحتى الثاني والعشرين. ثانيا: بتغريم كل متهم من الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والثامن مبلغ خمسمئة دينار عما نسب إليهم في الاتهام أولا من البند ثانيا وحتى البند الثاني والعشرين. ثالثا: بتغريم كل من المتهمين السابع والثامن خمسين ديناراً عما نسب إليهما في الاتهام ثانيا. رابعا: ببراءة المتهمين من الأول وحتى الأخير مما نسب إليهم بالبند أولا والبند الثالث والعشرين من الاتهام الأول.

وقال المحامي عبدالله الشملاوي بانه ومن اسباب الطعن بالتمييز ومن حيث الشكل لما كان الطعن قد استوفى كافة أوضاعه الشكلية وقدمه الطاعنون على الحكم الذي يقبله، خلال الميعاد القانوني وفقا لحكم المادة (28) من قانون محكمة التمييز رقم 8 لسنة 1989، الأمر الذي يتعين معه قبوله شكلا.

ومن حيث الموضوع فان السبب الأول القصور في التسبيب اي من المبادئ المقررة في التشريعات الجنائية الحديثة أن الشخص الطبيعي أي الإنسان لا يسأل إلا عما كان لنشاطه دخل في وقوعه من الأفعال التي يجرمها القانون، فاستحقاق العقاب مشروط وجودا وعدما بقيام الصلة أو الرابطة المادية بين نشاط الجاني (سواء بصفته فاعلا أو بصفته شريكا) وبين الواقعة الإجرامية في معنى علاقة السبب بالنتيجة أو العلة بالمعلول، وذلك قبل البحث في قيام الصلة المعنوية بينهما في شأن نسبة العمل الإجرامي إلى خطأ الجاني، أي إلى إرادته الآثمة. وإقرار هذا المبدأ يرتكز على خاصية جوهرية للعقوبة وهي كونها شخصية، أي يتعين ألا تصيب إلا شخص المجرم دون سواه، مما يقتضي التثبت، كمسألة أولية وأساسية، من أن الشخص الذي وقع عليه العقاب هو الذي تسبب بنشاطه في وقوع الجريمة سواء كان فاعلا أم شريكا.

وبإعمال ما تقدم على واقعات الدعوى الماثلة، ولما كان الثابت من لائحة الاتهام وأمر الإحالة أن النيابة العامة جعلت من المتهمين جميعا محلا للاتهام لمجرد كونهم أعضاء مجلس إدارة جمعية الزهراء لرعاية الأيتام، مع أنه لا يوجد في القانون نص يحمل المجلس متمثلا في جميع أعضائه المسئولية الجنائية عن أعمال الجمعية، وبالتالي فإن كون المتهمين أعضاء في مجلس الإدارة ليس كافيا لتوجيه التهمة إليهم جميعا؛ ذلك أنه من المقرر قانونا أن كل شخص مسئول عن أفعاله وسلوكه فقط ولا يسأل عن أفعال غيره. فالجريمة شخصية، ولا تكفي صفة العضوية في مجلس الإدارة كأساس للمساءلة الجنائية، فإذا ما جاء الحكم المستأنف مخالفا للمبادئ السالفة فإنه يكون مشوبا بعيب مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه؛ مما يتعين إلغاؤه ولا يرد على ذلك بتساند الحكم المستأنف لنص المادة (46) للقول بمسئولية عضو مجلس الإدارة، إذ إنه وبالرجوع لنص المادة متقدمة الذكر نجده يقتصر على الناحية المالية دون غيرها. فالمادة إنما تتكلم عن مسئولية رئيس وأعضاء مجلس الإدارة عن أموال الجمعية وعن التصرف فيها، أي في تلك الأموال، دون التصرفات والأعمال الأخرى للجمعية.

ومن جهة أخرى، فإن المادة لم تقل أبدا بمسئولية رئيس أو عضو مجلس الإدارة عن كافة أعمال الجمعية حتى ولو لم تكن ناتجة عن سلوكه، بل على العكس من ذلك؛ إذ إنه بالرجوع لعبارة المادة نجدها قد حددت المسئولية بالاختصاص فلا يسأل العضو إلا في حدود اختصاصه؛ أي أن المادة سند الحكم الطعين، قد اشترطت أن يكون الفعل في حدود اختصاص العضو أي ناتجا عن سلوكه وفعله وليس ناتجا عن فعل الغير؛ ذلك أن المسئولية الجنائية لا تكون إلا شخصية وإن تقرير المسئولية عن فعل الغير لا يمكن قبوله لما فيه من شبهة عدم دستورية.

ولما كان من المقرر قانونا أن الأصل في المتهم البراءة ولذلك فهو غير ملزم بتقديم أي دليل على براءته، وأنه يقع على النيابة العامة عبء إثبات خلاف ذلك الأصل فعليها وحدها يقع عبء تقديم الدليل على وقوع التهمة ونسبتها إلى سلوك المتهم وفعله، فعلى النيابة تقديم الدليل على توافر كافة أركان التهمة المادية والمعنوية، فإذا ما خلت أوراق الدعوى من الدليل القاطع على صحة الاتهام أو كانت أوراق الدعوى قاصرة عن إثبات أركان الجريمة وجب الحكم ببراءة المتهم مما نسب إليه، عملا بأصالة البراءة.

ولما كانت النيابة العامة المكلفة بالإثبات لم تقدم أي دليل على ما ادعته ونسبته للطاعنين، إذ جاءت أوراق الدعوى مفتقرة للدليل الذي يثبت توافر أركان التهم المنسوبة للطاعنين وأنها كانت ناتجة عن سلوكهم وأفعالهم جميعا، بل ان النيابة العامة لم تبين وتحدد الأفعال التي ارتكبها كل متهم بشخصه أي بسلوكه وفعله، وإنما أسست دعواها، كما ذكرنا على صفة العضوية مع أنها لا تصلح كأساس للمسئولية الجنائية، فليس كل ما يصدر عن الجمعية يكون الرئيس وجميع أعضاء مجلس الإدارة مسئولون عن ذلك التصرف حتى ولو لم يكن ناشئا عن سلوكهم جميعا.

فإذا ما انتهت محكمة أول درجة إلى إدانة الطاعنين جميعا بما نسب إليهم دون أن تبين في حيثيات وأسباب حكمها ما ارتكبه كل متهم من أفعال مادية أي دون أن تبين في الحكم مدى توافر أركان الجريمة بشأن كل متهم على حدة مع بيان الدليل على توافر تلك الأركان بحق كل متهم وهو الأمر الذي تطلبته المادة (261) من قانون الإجراءات الجنائية، الأمر الذي يعيب حكم محكمة أول درجة بعيب القصور في التسبيب ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه؛ لذلك فإذا ما سايرت محكمة الاستئناف محكمة أول درجة فيما انتهت إليه من أسباب رغم القصور الذي شاب تلك الأسباب فإن الحكم الطعين يكون هو الآخر معيبا بذات العيوب التي تضمنها حكم محكمة أول درجة، الأمر الذي يتعين معه نقضه.

كما تابع الشملاوي تنص المادة (261) من قانون الإجراءات الجنائية على أنه: (يجب أن يشتمل الحكم على الأسباب التي بني عليها. وكل حكم بالإدانة يجب أن يشتمل على الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها وأن يشير إلى نص القانون الذي حكم بموجبه). فالنص السالف قد أوجب على المحكمة أن تبين في حكمها الواقعة المنسوب للمتهم ارتكابها بيانا كافية؛ ذلك أن بيان الواقعة يؤدي دورا كبيرا في الحكم الصادر بالإدانة فهو الكاشف عن الجريمة التي تخضع للقانون، وهو الأداة التي عن طريقها تتمكن محكمة التمييز من أن تراقب صحة التكييف القانوني للفعل المسند إلى المتهم وأن الجريمة قد استكملت كل عناصرها التي يشترطها القانون، وأنها تخضع بالفعل تحت النص الذي انتهى القاضي إلى تطبيقه عليها.

كما دفع الشملاوي بتناقض التهم المنسوبة للطاعنين إذ تمسك الطاعنون بما أوردوه من دفوع أمام محكمة أول درجة ومن ضمن الدفوع التي تمسك بها الطاعنون الدفع بتناقض التهم المنسوب إليهم ارتكابها، إذ أوردت النيابة العامة في لائحة الاتهام وأمر الإحالة تهما متناقضة حيث كانت تذكر الفعل وما يناقضه وتعتبر ذلك تهما في الحالتين ومن ذلك ما أوردته بشأن الجمعية العمومية في البنود من الثاني عشر إلى السادس عشر، إذ نسبت النيابة العامة للطاعنين، في بعض تلك بنود الاتهام أنهم لم يقوموا بدعوة الجمعية العمومية للاجتماع وفي بنود أخرى تنسب إليهم أنهم لم يقوموا بإرسال صورة من محضر اجتماع الجمعية العمومية وهو الأمر الممتنع عقلا؛ ذلك أنه إما أن يكون الطاعنون قد عقدوا اجتماعا وبذلك يمكن أن ينسب إليه أنهم لم يرسلوا صورة من المحضر. وإما ألا يكونوا قد عقدوا ذلك الاجتماع ولذلك فكيف يمكن أن نطالبهم أو ننسب إليهم أنهم لم يرسلوا صورة من محضر الاجتماع وهو اجتماع لم ينعقد أصلا، كما أوردت النيابة العامة في بنود لائحة الاتهام وأمر الإحالة.

لذلك فإذا ما سايرت محكمة الاستئناف ما انتهت إليه محكمة أول درجة والتي جارت النيابة في مذهبها دون تحقيق ولا تدقيق من إدانة الطاعنين بكافة تلك التهم رغم تناقضها والاستحالة العقلية بوقوعها معا، فإن حكمهما يكونان معيبين بالفساد المنطقي، الذي هو تأرجح بين القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال؛ مما يتعين معه نقضهما.

كما تابع الشملاوي بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ إن مخالفة القانون تتحقق بإنكار وجود قاعدة قانونية موجودة، أو تأكيد وجود قاعدة قانونية لا وجود لها. أما الخطأ في تطبيق القانون فيوجد بتطبيق قاعدة قانونية على واقعة لا تنطبق عليها، أو تطبيقها عليها على نحو يؤدي إلى نتائج قانونية مخالفة لتلك التي يريدها القانون. أو برفض تطبيقها على واقعة تنطبق عليها.

وبإعمال ما تقدم على واقعات الدعوى الماثلة، وإذ أيدت محكمة الاستئناف محكمة أول درجة فيما انتهت إليه من أسباب، ولما كانت محكمة أول درجة قد أسست قضاءها برفض الدفع المبدى من الطاعنين ببطلان كافة التقارير على سند من القول بأن الدفاع لم يقدم ما ينفي تلك الصفة؛ ذلك أن الطاعنين قد بنوا دفعهم بالبطلان على أساس أن من قام بالتفتيش على جمعية الزهراء وإعداد تلك التقارير هم أشخاص لم يصدر قرار من الوزير المختص بتعيينهم.

كما دفع الشملاوي إغفال الرد على دفاع جوهري، إذ ان من المقرر قانونا أن إغفال ذكر وجه من دفاع أبداه الخصم لا يترتب عليه البطلان إلا إذا كان هذا الدفاع جوهريا ومؤثرا في النتيجة، بمعنى أنه لو كانت المحكمة قد بحثته لما انتهت إلى هذه النتيجة. إذ يعتبر عدم بحث هذا الدفاع قصورا في أسباب الحكم الواقعية، مما يترتب عليه البطلان طبقا للمادة (189) مرافعات بوصفه الشريعة الأم في مسائل الإجراءات. وقد قضت محكمة النقض المصرية بان كل طلب أو وجه دفاع يدلى به لدى محكمة الموضوع، ويطلب إليها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغير وجه الرأي في الدعوى يجب على محكمة الموضوع أن تخصه ببحث خاص وتمحصه وتجيب عليه في أسباب حكمها وذلك بأسباب خاصة.

وبإعمال ما تقدم على واقعات الدعوى الماثلة، ولما كان الطاعنون قد أبدوا عدة دفوع جوهرية في مذكراتهم المقدمة أمام محكمة الاستئناف التي أغفلت بحث تلك الدفوع والرد عليها بأسباب خاصة في حيثيات حكمها مرتكنة لتأييد آلي لحكم محكمة أول درجة الباطل أصل؛ الأمر الذي يعيب الحكم الطعين بعيب القصور في التسبيب مما يتعين معه نقضه

العدد 3459 - السبت 25 فبراير 2012م الموافق 03 ربيع الثاني 1433هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 10:28 م

      في كل وسط

      في كل وسط هناك المتحرك المدافع عن حقوق الاخرين وهناك الساكت خوفا وطمعا وهناك من يقف ضد الحقوق طمعا ورغبة في مغنم

      وهذا ما نراه في أوساط عدة الاطباء المحامون المهندسون الصحفيون المعلمون وغيرهم من عامة الناس

اقرأ ايضاً