الشاب الفلسطيني خضر عدنان، الذي أثارت قضية إضرابه عن الطعام لأكثر من ستين يوماً، العديد من المنظمات الحقوقية والنشطاء المدافعين عن قضايا الإنسان. خضر الشاب الثلاثيني الذي دخل مرحلةً خطرةً من الإضراب، وتوشك أعضاؤه على الانهيار، يقدم للإنسان درساً آخر في الثبات على المبادئ، في الموت من أجل قضية، لكنه يبقى بالنسبة للحكام العرب مجرد فلسطيني آخر يموت وسط جموع الموتى ليس إلا.
لا يثير قتل الفلسطينيين لدى الدول العربية وجامعتها أكثر من بيان استنكار، وربما عقدوا قمةً أخرى من أجلهم، مرةً أخرى كي لا يظهروا أن القضية أصبحت منسيةً تماماً إلا من كتب تاريخنا المسلوب على حين غفلة. خضر الذي أعلنت السلطات الإسرائيلية نية الإفراج عنه بالأمس، ليس سوى حالة من آلاف الحالات لضحايا الاعتقال الإداري، الذي تمارسه «إسرائيل» ضد الفلسطينيين منذ الاحتلال وحتى يوم القيامة ما لم نتخذ نحن المعنيون بأمر فلسطيننا المحتلة موقفاً مشرفاً يجبر «إسرائيل» على احترامنا كآدميين.
لو كان خضر مواطناً سورياً، أو ليبياً، لأقامت الدول العربية الدنيا وما أقعدتها، ليس لأنها تحترم الإنسان، ففي كل بقاعنا العربية هناك إنسانٌ تُسلب منه إنسانيته على قارعة الطريق، وليست دولنا بقادرة على تقديم نموذج حقيقي لأنظمة تقدر الإنسان ولا تتجاسر عليه، لكن لاعتبارات تتجاوز الإنسان وأهميته، تنطلق بعض الدول العربية بملف حقوق الإنسان، وتحمل راية تحريره من سطوة السلطان، عابرين فوق حدود فلسطين، دون أن يسمعوا أنين الموتى المغيبين، أو الجرحى المثخنين.
لو كان خضر مواطناً سورياً لنشرت ظلامته قنوات العالم، ولسخّر البعض منها حلقات وحلقات تروي معاناته مع النظام الظالم، لكنه شابٌ من فلسطين المنسية، وجعنا العربي الذي مضينا عنه وما عدنا قادرين على تذكره إلا عبر قصائد للاستهلاك الاعلامي.
ستون وجعاً ما حرّك العرب جيوشهم نحو فلسطين، ستون عاماً وهم يرزحون تحت مقصلة العدو، ينتهك إنسانهم دون رحمة، يأكلون بمقدار ما يسمح جلادهم، يمرضون بمقدار ما يجيز لهم. الجيوش العربية ما تحرّكت من أجل فلسطين، تلك الجيوش التي لو اتحدت لحررت فلسطين منذ أمد، لكنها بقيت خادرةً في جحورها.
اعذرنا يا خضر، لستَ ليبياً كي يجعلك الناتو هدفه الأعلى، ولست سورياً كي تهدّد وتتوعّد من أجلك الجامعة العربية، ولست سوى فلسطيني يموت مرةً بعد مرة بصمتنا، وخذلاننا.
خضر! شكراً لدرسك الأخير، ولكلماتك التي ستخلد حتماً في تاريخنا الحديث، تنير قناديل الصمود لشباب الثورات العربية في كل البقاع، «أجوع لكي تبقوا، أموت لكي تحيوا، فابقوا مع الثورة». ربما خذلتك وشعبك أنظمتنا الناحلة، لكن جسدك النحيل أثبت أنه قادرٌ على أن يعرّيهم مرةً أخرى.
خضر عدنان ليس سوى رجل فلسطيني آخر يعلمنا أن نبحث عن المحارب في داخلنا
إقرأ أيضا لـ "مريم أبو إدريس"العدد 3456 - الأربعاء 22 فبراير 2012م الموافق 30 ربيع الاول 1433هـ
تحياتي لكل الاحرار
النظم العربية هي الا آلات الحروب ،لذي قوى الاستعمار ضد شعوبهم ، تقيدهم مثل القطعان ، فهنئاً لتك الشعوب التي لاترضى الذل . وشكراً لكم
لان سوريا الهدف
شكرا لهذا القلم الرشيق اخت مريم. غريب امر من يصرخون لاجل سوريا و هم يقتلون شعبهم بالرصاص في الطرقات بكل وحشية و يرفضون مبدء الحوار في سوريا لقد ضاع الحراك السوري في دهاليز مصالح الكبار و اصبح السوري الموالي و المعارض لاعبين صغار في ملعب المصالح الدولية و تجاذبات دول الاقليم و من يتباكى على الدم السوري ليس الا منافق يريد رأس النظام و بعد السقوط لن يبكي حتى لو مات كل السوريين
انت يا خضر في قلب الشعوب العربية
الله سبحانة سوف يأخد حق كل مظلوم الى الامام يا شعوب
لم و لن ننسى فلسطين
اختي العزيزة....
لم و لن ننسى فلسطين إلى ان يتم تحريرها بالكامل لأنها قضيتنا الاولى و الشعوب تضغط على قياداتها للتحرك الجدي, و لكن الجرح السوري ينزف هذه الايام و بغزارة فلا بد من التحرك الفوري و تجييش كل ما اوتينا من قوة اعلامية و سياسية لوقف هذا النزيف.
و لكن بعض الدول و المنظمات التي تتاجر بالقضية الفلسطينية لمصالحها الشخصية فقط اعلاميا و لم تطلق رصاصة واحدة على اسرائيل... عجبي!
الحمدلله على الاقل انك فلسطيني
و حمداً لله أنك لم تكن بحرينياً ياخضر عدنان. فلو كنت لما تجاهلوك فقط !! بل لاتهموك بالعمالة والإجرام
وعي لافت يا مريم في زمن عز فيه نقاء الوعي العربي
اعذرنا يا خضر، لستَ ليبياً كي يجعلك الناتو هدفه الأعلى، ولست سورياً كي تهدّد وتتوعّد من أجلك الجامعة العربية، ولست سوى فلسطيني يموت مرةً بعد مرة بصمتنا، وخذلاننا.
هكذا في زمن "الربيع العربي" المسروقة دماء أبنائه تضيع قضايانا ويتوه مؤشر بوصلتنا المشوشة شعوبا وحكاما.. واخيرا صارت هناك حقوق للإنسان العربي مفصلة حسب مصالح الغرب ووكلائه