العدد 1440 - الثلثاء 15 أغسطس 2006م الموافق 20 رجب 1427هـ

ظاهرة القروض الاستهلاكية في نمو مستمر

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

كما عودنا لقراء الكرام نعيد الكتابة عن موضوعي القروض والفوائد المصرفية مرة كل 3 شهور. ومرجعنا في ذلك نشر مؤسسة نقد البحرين لأرقام القروض والفوائد بشكل فصلي. حقيقة القول تتميز مؤسسة نقد البحرين بين سائر مؤسسات المملكة بالالتزام بنشر إحصاءات دورية وعليه تستحق الثناء. تؤكد الإحصاءات المتوافرة بأن القروض والتسهيلات المصرفية المقدمة من قبل المصارف التجارية العاملة في البحرين في ارتفاع مستمر. فقد بلغ مجموع القروض تحديدا 2856 مليون دينار مع نهاية الفصل الثاني للعام 2006. ويمثل هذا الرقم زيادة قدرها 118 مليون دينار مقارنة بالفصل الأول من العام الجاري.

مرحباً بالقروض الشخصية

الملاحظ أن هناك تنوعا في القروض والتسهيلات المقدمة من قبل المصارف التجارية، لكن مع التركيز على القروض المقدمة للأفراد. تشمل القروض الشخصية تلك الممنوحة لتمويل السيارات والتمويل العقاري. تشير الأرقام إلى استمرار استحواذ القروض الشخصية على أكثر من 45 في المئة من مجموع التسهيلات المصرفية للمصارف التجارية. فقد بلغت قيمة القروض المقدمة للأفراد 1297 مليون دينار مع نهاية الفصل الثاني من العام الجاري. وعليه شكلت زيادة القروض المقدمة للأفراد 52 في المئة من نمو مجموع القروض في الربع الثاني.

لا تأثير للقواعد الجديدة للقروض

يشار إلى أنه ومنذ مطلع العام 2005 أصبح لزاما على المصارف التجارية العاملة في البحرين تطبيق القواعد الجديدة المفروضة من قبل مؤسسة نقد البحرين فيما يخص التمويل الاستهلاكي. وعرفت المؤسسة التمويل الاستهلاكي بأنه أي شكل من أشكال التسهيلات الائتمانية مثل القروض الشخصية والسحب على المكشوف أو بطاقات الائتمان. وبحسب التشريع الجديد فقد تم تحديد القسط الذي يدفعه الفرد للقروض الاستهلاكية بنصف إجمالي دخله وبحد أقصى 7 سنوات للسداد. وبدا واضحا أن تحرك مؤسسة نقد البحرين جاء لدواعي الحفاظ على مصالح جميع الأطراف ذات العلاقة أي الأفراد والأسر والمصارف التجارية وحملة الأسهم وغيرها من ذوي الشأن. لكن حتى هذا التاريخ لا يوجد دليل ملموس على نجاح هذه القواعد في وضع حد لظاهرة القروض الاستهلاكية. بل تؤكد الأرقام المنشورة تنامي حالات الاقتراض الشخصي في البحرين على رغم كل المحاولات الرامية إلى وضع حد لهذه الظاهرة. ودليلنا على ذلك أن حجم القروض الشخصية ارتفع بواقع 42 مليون في الربع الأول من العام الجاري مقارنة مع نهاية العام الماضي. بالمقارنة ارتفع حجم القروض المقدمة للأفراد بقيمة 61 مليون في الربع الثاني.

القروض العقارية

أيضا تشير الإحصاءات إلى أن قطاع الإنشاء والتعمير آخذ في التعزز. فقد قدمت المصارف قروضا قيمتها 361 مليون دينار لأغراض الإنشاء والتعمير في الفصل الثاني بزيادة 32 مليون دينار مقارنة بالفصل الأول من العام الجاري. بمعنى آخر، حصلت قروض الإنشاء والتعمير على 12,6 في المئة من مجموع القروض في الفصل الثاني مقارنة بـ 12 في المئة بنهاية الربع الأول من العام الجاري. ويبدو جليا أن المصارف التجارية كغيرها من الفعاليات الاقتصادية ترغب الاستفادة من الطفرة الجارية في سوق العقارات.

ربحية المصارف

تؤكد الإحصاءات أن المصارف التجارية العاملة في البحرين تفضل منح قروض شخصية على حساب القروض الأخرى بما فيها التجارة والصناعة. ويعتقد أن السبب الرئيسي وراء ميل المصارف التجارية إلى منح القروض الشخصية هو تمكنها من فرض نسب أرباح عالية على تلك التسهيلات. فقد بلغت نسبة الفائدة للقروض الشخصية الممنوحة بضمان السيارة نحو 10 في المئة مقارنة بنحو 8 في المئة لأغراض التجارة (المزيد عن هذا الموضوع في مقال يوم غد الخميس). حقيقة تعتبر القروض من أهم موجودات المصارف التجارية العاملة في البحرين. فقد شكلت القروض والتسهيلات المصرفية نحو 40 في المئة من حجم الموازنة الموحدة المصارف التجارية (بلغت قيمة الموازنة الموحدة للمصارف التجارية 7256 مليون دينار في الفصل الأول من العام الجاري شاملا 2856 مليون دينار للقروض).

كما تساهم القروض في تحقيق المصارف التجارية العاملة في المملكة أرباح عالية نسبيا. على سبيل المثال حقق بنك البحرين الوطني ربحا صافيا مقداره 18 مليون ونصف المليون دينار في النصف الثاني من العام الجاري مسجلا زيادة تقدر بنحو 11 في المئة من مقارنة بالفترة نفسها من العام 2005.

هناك من يتهم المصارف بأنها تغلب المصلحة الذاتية على حساب مصلحة الاقتصاد الوطني بدليل أن قطاعات التجارة والصناعة والإنشاء والتعمير مجتمعة حصلت قروضاً قدرها 1139 مليون دينار في الربع الثاني. ويساوي هذا الرقم نحو 40 في المئة من مجموع القروض أي أقل من النسبة الممنوحة للقروض الشخصية (45 في المئة). في المقابل هناك من يعتقد بأن المهمة الرئيسية لإدارات المصارف تتمثل في تحقيق أكبر عائد ممكن لحملة الأسهم. تعمل المصارف من جانبها على جلب الزبائن إليها بالطرق الدعائية لكن من المؤكد أن المصارف لا تفرض على زبائنها أخذ القروض وأن القرار إلى الفرد نفسه. ربما علينا الانتظار لفترة أطول لمعرفة مدى تأثير القواعد التي فرضتها مؤسسة نقد البحرين منذ مطلع العام 2005. حتى الآن على أقل تقدير، لا يوجد دليل مادي بأن المصارف التجارية تراجعت بشكل ملحوظ في منح القروض الاستهلاكية

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 1440 - الثلثاء 15 أغسطس 2006م الموافق 20 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً