العدد 1439 - الإثنين 14 أغسطس 2006م الموافق 19 رجب 1427هـ

اخفاقات كوندي

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

«لطالما كان القاتل يقلد ضحيته»، وعليه، لا غرابة في أن تكون السياسة الأميركية وبعد هذا الصراع الطويل مع الدول العربية قد استعارت واستلهمت واستباحت شيئاً ما من العادات العربية السياسية السيئة، وهي في كونها وحدة اتصال من العرب تجاه أميركا فهي تعتبر إضافة عربية في النموذج الثقافي الأميركي، ولابد أن نسعى نحو إثباتها والفخر بها.

شتى محاولات التأويل لهذا الشرق الأوسط الجديد تبدو بائسة، حتى الليبرالي الجديد شاكر النابلسي لم يستطع أن يفهم ما اتهم الناس الآخرين بأنهم لا يقرأونه، أصبحت الولايات المتحدة في الدورة الثانية من رئاسة بوش تعيد للذاكرة فشل اجتماعات القمم العربية المعتادة، والتي غالبا ما نذهب فيها إلى توجيه ما هو اكثر من النقد للدول العربية وقياداتها السياسية.

الرابط بين الفكرتين يتمحور حول أن الولايات المتحدة الأميركية بدأت تنحو حديثاً نحو تقليد العرب في هذه البرمجيات السياسية، فإذا ما حاولنا أن نرى التطبيقات الإجرائية أو المراحل التنفيذية لمشروع الشرق الأوسط الكبير الذي نعرفه والجديد الذي لا نعرفه نحن فضلا عنهم، سندرك أن الولايات المتحدة بدأت تتخبط على صعيد سياساتها الخارجية.

العراق، وفضائح الانتخابات الأخيرة في مصر، طرد NDI البحرين، فضائع «إسرائيل» في لبنان تحت غطاء أميركي، وأخيرا ذلك التراجع الديمقراطي في غير بلد من بلدان الشرق الأوسط الحيوي كلها ظواهر قوبلت ببرود أميركي غريب، ما يحيل إلى أن الإدارة الأميركية وبالخصوص مؤسسة سياساتها الخارجية ممثلة بالسيدة كوندوليزا رايس تمر بمرحلة فقدان للتوازن، وأنها فعلاً بدأت تتكلم أكثر مما تفعل، ولعمري هي خاصيتنا «نحن» لا «هم»، فما الذي حدث!

كانت فاعلية كوندوليزا في مجلس الأمن القومي أكثر، وهي اليوم تمثل عبئا على السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وهو ما أستطيع أن أحيله إلى عقدة «نقص الانتباه» لدى الأميركيين بان ثمة خطراً ما يحيط بهم، عاجلاً ام آجلاً، وليس هذا الخطر ببعيد.

إذا كان الشرق الأوسط الجديد هو ما شهدناه في لبنان فإن ما سنشهده في إيران أكثر، هذا إن لم تكن الولايات المتحدة وإيران قد استفادتا معا من المشهد اللبناني الفضيع. نتربص الرد الإيراني علنا نشهد حربا جديدة أو مرحلة تاريخية جديدة في المنطقة، وندرك تماما أن تهورا عسكريا كالذي قامت به «إسرائيل» في لبنان لن يجدي، وأن أي «خفة» سياسية تخرج من طهران ستندم عليها حتما، وأن شرقا أوسطا جديدا لن يراه أحد اليوم أو غدا.

مشروعات الشرق الأوسط الكبير (الجديد) وشمال إفريقيا... أضحت بمثابة «مجازات خطابية» لما لا تجرأ الولايات المتحدة على التصريح به علانية حين يكون من المفترض أن تتكلم، نعلم أنها أصبحت إمبراطورية العالم، والجميع يدفع حسابات الجباية، لكن الولايات المتحدة نفسها هي اليوم من لا تعرف ما تريد من المنطقة، فقدت إدارة الرئيس بوش بوصلتها، ولما تدرك أين تقف اليوم، وأي طريق تود الذهاب فيه، لم تكن الولايات المتحدة بهذا الترهل السياسي يوما من الأيام. ويبدو أن الانتخابات الرئاسية الجديدة ستكون حاسمة للأميركيين أكثر مما هي حاسمة بالنسبة الينا نحن في شرق أوسط كوندوليزا رايس التي لم تستطع تحديد ملامحه للصحافيين.

هل نبالغ في الاستخفاف بالأميركيين وبالعقلية الأميركية؟، لا...

تستطيع الولايات المتحدة المضي في خيارها الفيدرالي المتشعب في الشرق الأوسط الجديد بهذه الطريقة التي حصلت في لبنان، وتستطيع الدخول في خيار عسكري مع إيران، وتستطيع أن تفتح أكثر من جبهة صراع عسكري في أي منطقة في العالم بالكفاءة القتالية نفسها. وتستطيع أكثر من ذلك. لكنها لن تستطيع أن تنشر السلام بهذه الطريقة، ولن تستطيع أن تمنع 11 سبتمبر/ أيلول جديداً يعصف بعاصمتها أو ببيتها الأبيض، وعندها لن يقف معها في الشرق الأوسط الجديد أو القديم أحد

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1439 - الإثنين 14 أغسطس 2006م الموافق 19 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً