العدد 1439 - الإثنين 14 أغسطس 2006م الموافق 19 رجب 1427هـ

«اليابان 2030» تتحول من التصدير إلى الاستثمار

أكملت اليابان حديثاً كتابة رؤيتها الاستراتيجية للخمس والعشرين سنة المقبلة (اليابان 2030، وحددت من خلالها الموقع الذي ترغب في انجازه. رؤية اليابان للسنوات المقبلة انطلقت من الاعتراف بالمتغيرات الجوهرية في هيكلية الاقتصاد الياباني، وأولها ان اليابان ستتحول من دولة تصدر منتجاتها إلى دولة تستورد أكثر مما تصدر مع حلول العام 2030.

وعلى هذا الأساس، تقول الرؤية: إن على اليابان ان تستثمر الفائض المتوافر لديها حالياً، بحيث يزداد دخل اليابان من الاستثمار في الخارج من وضعه الحالي الذي يمثل 2 في المئة من الناتج القومي إلى 4 في المئة. وتقول الرؤية ان مضاعفة نسبة الاستثمارات الخارجية لليابان في دول مثل الصين وشرق آسيا سيمكنها من الحصول على عوائد مجزية وتتحول من اقتصاد قوي قائم على التصدير حالياً إلى اقتصاد قوي قائم على عوائد الاستثمار الخارجي.

الرؤية تتوقع أن ينخفض عدد السكان في العام 2030 من عدده الحالي (128 مليون نسمة) إلى 118 مليون نسمة، وان نسبة المسنين البالغ عمرهم 65 سنة وأكثر ستصبح كبيرة وستزداد من قرابة 20 في المئة حالياً إلى قرابة 30 في المئة في 2030. وهذا سيؤدي إلى انخفاض عدد القوى العاملة، وبالتالي انخفاض الانتاجية وسيؤدي إلى اثقال المجتمع بكبار السن الذين ستزداد مطالبهم التقاعدية، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض في رؤوس الأموال المستثمرة في أسواق الأسهم. وتتوقع الرؤية بأن الادخار لدى اليابانيين المشهود بارتفاعه حالياً سينخفض وينتقل إلى العجز في 2030.

وعليه، فإن الرؤية تقترح ان يصاحب زيادة الاستثمار الخارجي مزيد من التطور التكنولوجي لزيادة الانتاجية (للتعويض عن انخفاض القوى العاملة) وان تزداد جودة وفعالية امكانات توزيع الثروة، وهذا كله يتطلب الاستمرار في الاصلاحات الهيكلية للاقتصاد الياباني. وكانت اليابان قد مرت بكساد طويل استمر منذ العام 1990 حتى 2005، ومع كل المشكلات التي مرت خلال هذه الفترة بقيت الحسابات القومية اليابانية في الجانب الإيجابي بسبب قوة التصدير التي وفرت فائضاً مالياً مستمراً على رغم المشكلات. وكانت اليابان قد نمت بشكل أذهل الجميع بين الأعوام 1955 حتى 1990، وأطلق عليها مسمى «المعجزة الاقتصادية»، ولكنها واجهت أكبر مشكلاتها عندما انهارت سوق العقارات واهتزت بورصتها في مطلع التسعينات من القرن الماضي. ولم تستعد اليابان حيويتها العام الماضي (2005) وذلك بعد ان حررت الحكومة اسواق المال، واعادت هيكلة المصارف، وسهلت اشتراطات سوق العمل، واعادت صوغ قانون الشركات، وأزالت العقبات التي كانت مفروضة على الشركات القابضة، وخصخصت مؤسسات حكومية كثيرة، واعادت هيكلة نظام التقاعد، وتم تقليل عدد الوزارات بشكل كبير إذ لا تزيد عدد الوزارات حالياً عن 12 وزارة.

وفي الوقت ذاته، سرحت الشركات اليابانية، لأول مرة في تاريخها بعد الحرب العالمية الثانية، اعداداً كبيرة من العاملين لديها ضمن خطط إعادة الحيوية لنشاطاتها الاقتصادية غير المثقلة بأساليب العمل الماضي، واعادت الشركات صوغ اتفاقات جديدة مع النقابات العمالية، وأزالت أساليب الترقيات القديمة واستعاضت عنها بالمكافآت بحسب الأداء، وتمت إعادة هيكلة الشركات الكبرى، وإعادة هندسة أساليب الإدارة داخل الشركات، وتم نقل العمليات الانتاجية إلى بلدان أخرى لديها قوى عاملة أرخص من اليابان، وتمت إعادة جدولة ديون الشركات إلى غيرها من أساليب تحسين الإدارة.

وانطلقت الهيئة الرسمية التي اعتمدت لكتابة رؤية اليابان 2030 من وقائع الماضي واستقرأت المستقبل، ووجدت ان اليابان على رغم ما مر بها خلال الفترة 1990 حتى 2005 لكنها لاتزال قوة اقتصادية عظمى (بعد أميركا) لأنها استطاعت ان تحافظ على قدرتها التصديرية التي لا ينافسها عليها حالياً أحد. ولكنها في الوقت ذاته رأت ان هذه الميزة ستنخفض بعد 25 عاماً مع التغييرات التي حدثت مؤخراً، وبسبب ازدياد عدد المسنين في المجتمع الياباني، ذات القدرة التصديرية، ستتحول (اليابان) إلى عجز مع ازدياد عمليات الاستيراد ومع ازدياد نقل المصانع إلى البلدان ذات الأيدي العاملة الأرخص من اليابان. ولذلك، فإن رؤية اليابان 2030 طرحت ان تسارع اليابان لاستثمار الفائض المالي لديها حالياً في استثمارات خارجية مجزية، بحيث تبقى اليابان في 2030 قوة اقتصادية كبرى (ربما تكون الثالثة بعد أميركا والصين حين ذاك)، ولكن مصدر قوتها في المستقبل سيأتي من قوة استثماراتها الخارجية، وليس من قوة تصديرها التي ستضمحل كثيراً في ذلك الوقت المنظور.

وفي اطار آخر، تسعى اليابان لاثبات قدراتها التكنولوجية، اذ قالت تقارير صحافية بداية الشهر الجاري: إن إن وكالة الفضاء اليابانية تءظء تستهدف تشييد «مستعمرة مأهولة» على سطح القمر مع حلول العام 2030، ويسبق ذلك تطوير «روبوت» لاستكشاف القمر بحلول العام 2015 بالاضافة الى «مكوك فضاء» متعددة الاستخدامات يتم اطلاقه خلال العشرين عاماً المقبلة. واشارت التقارير الى أن اليابان ستبدأ في بناء قاعدة أبحاث تعمل بالطاقة الشمسية على سطح القمر، وان الموازنة المخصصة لتمويل هذا البرنامج الطموح تصل إلى 57 مليار دولار

العدد 1439 - الإثنين 14 أغسطس 2006م الموافق 19 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً