أعلن علماء في جامعة هارفارد، بولاية ماساتشوستس، أن هناك حلاً مبتكراً لمشكلة تخزين كميات ثاني أكسيد الكربون المفرطة التي ينفثها البشر، يكمن في أعماق المحيطات. وقد توصل أولئك العلماء إلى أنه يمكن للترسبات الموجودة في قاع المحيطات أن تصبح خزاناً دائماً غير محدود السعة لهذا الغاز، الذي كان العامل الرئيسي المؤدي إلى تغير المناخ في العقود الأخيرة. ويؤكد شراغ، وهو أستاذ علوم الأرض والكواكب ومدير مركز جامعة هارفارد لشئون البيئة، أن »توفير إمدادات الطاقة التي يتطلبها النمو الاقتصادي العالمي من دون التأثير على مناخ الكرة الأرضية هو أكثر التحديات الاقتصادية والفنية إلحاحية في وقتنا الحاضر«. ويرى شراغ أيضا أنه »نظراً إلى كون الوقود الأحفوري، وخصوصاً الفحم، سيظل على الأرجح مصدر الطاقة السائدة في القرن الحادي والعشرين، فإن استقرار نسبة ثاني أكسيد الكربون في الجو سيتطلب مكاناً دائماً لخزن كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون، الذي يتم عزله، في مكان مأمون بعيداً عن الغلاف الجوي«. والمعروف أن من شأن حقن ثاني أكسيد الكربون في الترسبات الموجودة في قعر المحيطات بدل وضعه مباشرة في المحيط أن يحبسه فيها، ما يقلص الأذى الذي يلحق بالحياة المائية إلى أقصى حد ممكن ويضمن عدم تسرب الغاز في نهاية الأمر إلى الجو نتيجة عملية مزج تيارات المحيطات بينه وبين الجو. ويؤكد العلماء أن هذا الغاز المخزون مأمون إلى حد أنه يستطيع مقاومة تأثير الزلازل الشديدة وغيرها من الاضطرابات الأرضية الآلية. وليست الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي تقوم بذلك، فحديثاً أعلنت اليابان عن أملها في أن تتمكن من خفض انبعاثات غازات الدفيئة ومكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي، بخطة ثورية، لضخ غاز ثاني أكسيد الكربون إلى مستودعات تخزين تحت الأرض، بدلا من إطلاقه في الجو. وقال ماساهيرو نيشيو، وهو مسئول في وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة، إن الاقتراح يطمح بضخ 200 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون بحلول العام 2020، مخفضا بذلك انبعاثات الغازات السامة في الدولة إلى نحو سدس ما هو عليه الآن. ولاتزال الخطة اليابانية، التي كانت قد طرحت في شهر مايو/ أيار الماضي، قيد الاختبار، وتبرز الضرورة التي تشعر بها الدول الصناعية لمواجهة نتائج الاحتباس الحراري. وتقضتلك الخطة بجمع غاز ثاني أكسيد الكربون من غازات المصانع، وضغطه لتحويله إلى سائل، بحيث يستطيع العلماء أن يحقنوه في طبقات صخرية مائية تحت الأرض، أو بحقول غاز، أو بفتحات بين طبقات الصخر، ليبعدوه بذلك عن الهواء بشكل آمن. وقال ماساهيرو، إن التخزين تحت الأرض قد يبدأ مبكراً، وربما في العام 2010، ولكن مازالت هنالك الكثير من العقبات التي ينبغي تخطيها، إذ إن تجميع غاز ثاني أكسيد الكربون وحقنه تحت الأرض، هو مسألة باهظة الكلف، إذ تبلغ كلفة الطن نحو 52 دولارا. متابعة تطورات تلك البحوث تشير جميعها إلى أن الهدف النهائي اقتصادي أكثر منه بيئي، فكل من واشنطن وطوكيو، وربما دول صناعية أخرى غيرهما، تبحث جميعها عن مصادر ذاتية للطاقة الضرورية لإدارة عجلة اقتصاداتها، بدلا من استمرار اعتمادها على مصادر خارجية
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1438 - الأحد 13 أغسطس 2006م الموافق 18 رجب 1427هـ