في اللحظة التي كان فيها اعضاء مجلس الأمن يناقشون مشروع القرار 1701 الخاص بوقف العمليات العسكرية في لبنان، كانت القوات الإسرائيلية تتوجه لتوسيع العمليات العسكرية في الجنوب اللبناني، وهي عملية يمكن ان تفسر بأنها محاولة اخيرة من جانب «إسرائيل» لتحقيق نصر عسكري يغطي على فشلها في تحقيق اهدافها التي أعلنتها لشن العدوان على لبنان.
منذ اللحظة الاولى لشن عدوانها على لبنان حاولت «إسرائيل» تطبيق الخطة العسكرية التي نفذها الجيش الأميركي لاحتلال العراق، والخطة تعتمد بشكل أساسي على شن غارات جوية مكثفة على مواقع حزب الله وشل حركته وقطع الاتصال بين عناصر الحزب وقياداته العسكرية والسياسية، بالاضافة إلى قطع خطوط الامداد في ضرب الجسور والطرقات وقطع تموين المقاتلين الذين كانوا يعتمدون، حالهم حال كل القوات غير النظامية، على سكان القرى والبلدات الذين اجبروا اهاليها بفعل القصف الجوي العشوائي على النزوح نحو الشمال، لتمثل ضغطا نفسيا مضافا على قيادات وعناصر حزب الله.
الخطة توجب على «إسرائيل» ايضا ضرب خطوط الدعم الشعبي لحزب الله عبر شن حرب نفسية ضد كل الطوائف التي تمثل الكيان اللبناني من خلال ضرب البنية التحتية للدولة، على امل ان ينقلب اللبنانيون على حزب الله ويجردوه من أي دعم سياسي داخلي.
كل هذه الاهداف كان يفترض ان ينفذها الطيران الإسرائيلي لتنهي في حال تحقيقها نحو ثمانين في المئة من القدرة العسكرية لحزب الله، لتبدأ بعدها مرحلة انجاز ما يتبقى عن طريق شن هجوم بري مدعوم بالدبابات والآليات العسكرية، لتأتي بعدها مرحلة تحقيق النصر وفق الخطة الاميركية التي كانت غير مهتمة كثيرا بالسيطرة على المدن بقدر اهتمامها باختراق رأس القرار السياسي والعسكري للعدو الذي كان يمثله نظام صدام في العراق.
في لبنان كان يفترض على الأقل تحقيق أحد سيناريوهين، الاول إسقاط القرى والبلدات بيد القوات الإسرائيلية بطريقة دراماتيكية، والثاني النجاح في استهداف أمين عام حزب الله السيدحسن نصرالله؛ لاعلان انتصار «إسرائيل» في هذه الحرب ورد اعتبار جيشها الذي مني بنكسات قاسية، لكن أيا من هذين السيناريوهين لم يحدث، فاضطرت «إسرائيل» بضغط من وزيرة الخارجية الاميركية إلى الموافقة على القرار الاممي من دون تحقيق ما دخلت الحرب من اجله.
الآن لم يبقَ أمام القوات الإسرائيلية بعد فشلها في تحقيق النصر العسكري على حزب الله سوى القيام بعمليات انزال جوية تبدأ من نهر الليطاني ومواصلة التقدم نحو الجنوب لتلتقي القوات الداخلة إلى الحدود اللبنانية لتنجز في مرحلة وقف اطلاق النار ما فشلت في انجازه خلال الشهر الماضي، ولكن مهما ستقوم به «إسرائيل» فإن عملية «الوعد الصادق» ستبقى اقسى درس عسكري تلقته القوات الإسرائيلية طوال حروبها في المنطقة، وان هذا النصر اللبناني ربما سيفتح الطريق للمقاومة الفلسطينية للتعامل مع هذه القوات بطريقة اقل ما يمكن ان نسميها تختلف عن مرحلة ما قبل «الوعد الصادق»
إقرأ أيضا لـ "علي الشريفي"العدد 1437 - السبت 12 أغسطس 2006م الموافق 17 رجب 1427هـ