أعلن رئيس الحكومة اللبناني فؤاد السنيورة أمس أنه لا تقدم حتى الآن بشأن التعديلات على القرار الأميركي الفرنسي بعد أن عقد جلستين من المحادثات مع مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشئون الشرق الأوسط ديفيد ولش. فيما أكد نائب رئيس المجلس السياسي في حزب الله محمود قماطي أن الحزب «لن يسمح بتحويل انتصاراته العسكرية إلى انتكاسة سياسية»، وأن نشر الجيش في الجنوب لا يعني نزع سلاح المقاومة. بينما حذر الرئيس الفرنسي جاك شيراك أمس من أن التخلي عن المطالبة «بإعلان وقف فوري لإطلاق النار» سيكون «أكثر الحلول ابتعاداً عن المبادئ الأخلاقية»، وأكد أن بلاده ستعرض «قراراً خاصاً بها» إذا لم يتوصل مجلس الأمن إلى اتفاق.
وكان السنيورة أكد اثر اللقاء الأول «أن لا تقدم حتى الآن» في شأن المشاورات الجارية لتعديل مشروع القرار الأميركي - الفرنسي لإنهاء القتال. وقال السنيورة للصحافيين رداً على سؤال عن تقدم المشاورات في نيويورك، «لا تقدم حتى الآن ومازلنا في المكان نفسه». وأشار إلى «أن الاتصالات التي يجريها وفد الجامعة العربية في نيويورك لم تتوصل إلى شيء حتى الآن».
ووصل ولش بيروت في زيارة غير معلنة والتقى السنيورة ثم رئيس مجلس النواب نبيه بري ثم وزير الخارجية فوزي صلوخ ثم وزير الدفاع الياس المر من دون أن يدلي بأي تصريح. ولدى عودته إلى لقاء السنيورة في السراي الحكومي اكتفى ولش بالقول للصحافيين «نحن الأميركيين أصدقاء لبنان ونعمل كل ما بوسعنا لحل أزمته».
من ناحيته، أكد السفير الأميركي في لبنان جيفري فلتمان، الذي يرافق ولش في جولته «أن ما يجري في نيويورك من إعداد لصدور قرار عن مجلس الأمن مختلف عن أهداف جولة ولش في لبنان، إذ يسعى تحديداً إلى البحث في آلية تنفيذ مقتضيات القرار على الأرض». واعتبر السفير الأميركي أن إعلان الحكومة اللبنانية استعدادها لإرسال الجيش إلى الجنوب فور انسحاب «إسرائيل» مهم «ومن شأنه إحداث تغييرات». ورداً على سؤال عن رأيه بقرار الحكومة الأمنية الإسرائيلية توسيع الهجوم البري اكتفى بالقول «لهذا السبب نحن بحاجة إلى قرار من مجلس الأمن بأسرع وقت».
من ناحيته، اكتفى بري بعد لقاء ولش بالقول «السيد ولش كما عبرت له مزين بارع لقرار بشع». وأضاف للصحافيين «أنني التقي مع الرئيس السنيورة بالقول إنه لا تقدم حتى الآن».
بينما أكد صلوخ «أن الدبلوماسية ستظل تعمل حتى لا نصل إلى حائط مسدود». وقال اثر لقائه ولش «الدبلوماسية تخرق الحائط. الدبلوماسية المكوكية جارية». وأضاف «مازالت المحادثات قائمة ومازالت الترويكا العربية في نيويورك تقوم باتصالات وتعقد اجتماعات مع المسئولين في الأمم المتحدة». وجدد صلوخ التأكيد على موقف لبنان «المتمسك بوقف فوري لإطلاق النار وبانسحاب القوات الإسرائيلية ومع انسحابها ينتشر الجيش اللبناني في الجنوب».
من جانب آخر، قال قماطي في مقابلة مع صحيفة «الثورة» السورية إن «المقاومة لديها خطوط واضحة. نأخذ ونعطي في القضايا التي لا تمس ثوابتنا لكننا لن نهزم سياسياً بعد أن انتصرنا عسكرياً وبالتالي لن نسمح بانتهاء هذه المواجهة البطولية وكل هذه التضحيات والعطاءات بانتكاسة سياسية».
وفيما يتعلق بالشروط المطروحة لوقف «العدوان» أوضح «أن محاولات مجلس الأمن لفرض شروطه المعروفة لن تتحقق لأننا لن نقبل بها. نحن مستعدون للأخذ والعطاء في موضوع سقف عملية التبادل بما يخص الأسرى وكذلك انتشار الجيش على الحدود وصولاً إلى قوة الطوارئ الدولية (اليونفيل) أما التمسك بسلاح المقاومة واستمرار دوره لتحرير مزارع شبعا وتلال كفر شوبا فهذه أمور غير قابلة للتنازل أو المساومة. حتى ولو كان هناك قرار دولي سنبقى نقاتل حتى اللحظة الأخيرة».
من جانبه، قال شيراك في مؤتمر صحافي في تولون (جنوب شرق) بعد اجتماع مصغر للحكومة الفرنسية خصص لدراسة النزاع الإسرائيلي - اللبناني «يبدو أن هناك فعلاً تحفظاً أميركياً اليوم» يعوق إمكان تبني قرار في الأمم المتحدة يأخذ في الاعتبار الطلبات اللبنانية بإدخال تعديلات على مشروع القرار الفرنسي الأميركي. بيد أن شيراك حذر من أن فرنسا سترفع «قراراً خاصاً بها» إلى مجلس الأمن الدولي في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن التعديلات التي طلبها لبنان. وأضاف «إذا لم نتوصل لذلك فسنجري نقاشاً في مجلس الأمن وسيؤكد كل واحد موقفه بوضوح بما في ذلك بطبيعة الحال فرنسا من خلال قرار خاص». وأشار «لا أستطيع أن أتصور ألا يكون هناك حل، وهو ما سيكون أكثر الحلول ابتعاداً عن المبادئ الأخلاقية، لأنه يعني أننا نقبل الوضع الحالي ونتخلى عن طلب وقف فوري لإطلاق النار». وقال شيراك: «من الممكن انطلاقاً من هنا تشكيل قوة دولية بشكل معين خلال شهر مثلاً، وفرنسا طبعاً ستشارك فيها طالما أن مهمتها واضحة»
العدد 1434 - الأربعاء 09 أغسطس 2006م الموافق 14 رجب 1427هـ