العدد 1434 - الأربعاء 09 أغسطس 2006م الموافق 14 رجب 1427هـ

الصراحة راحة... حتى في لبنان!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تتميّز أحاديث وزير الخارجية القطري بالصراحة الجارحة، وآخر ما صارح به الجمهور العربي هو «موافقة بعض الدول العربية على العدوان الإسرائيلي على لبنان للقضاء على حزب الله».

ففي مقابلة أخيرة مع «الجزيرة» قال «إن التخاذل العربي غير غريب، لكن الغريب إعطاء الضوء الأخضر بشكل مباشر لإكمال هذه العملية الخطيرة». وأكد أن هناك نوعاً من «الموافقة» بأن تكمل «إسرائيل» مهمة القضاء على الحزب ضمن المخطط الأميركي الأكبر، (الشرق الأوسط الجديد).

وفي لهجةٍ أكثر صراحة قال: «لاشك هناك دول عربية تربطها قضايا مع أميركا تريد أن تثبت أنها الدولة التي يمكن أن يُعتمد عليها... وتحل مشكلتها على حساب مشكلة المساكين الذين ماتوا».

كلام الوزير يوحي بأن «المهمة» كانت معروضةً لفترةٍ طويلةٍ للتداول والتشاور وتبادل الآراء للوصول إلى أفضل الطرق لانجاز «المهمة»، ولم يكن هناك خلافٌ على أصل الهدف. فقد أشار الوزير الصريح إلى أن هناك رأيين كانا مطروحين على الطاولة: الخيار العسكري لتصفية حزب الله، وتبنته بعض الدول العربية؛ والخيار الاقتصادي، الذي كان موضع تفضيل الوزير كما أشار، نظراً إلى محدودية أضراره، خصوصاً مع استحالة نجاح الخيار العسكري. وقد أثبتت الأسابيع الأربعة الأخيرة على الأقل، صحة تحليل الوزير ونظرته الثاقبة للأمور. وفيما يتعلق بمخاوف البعض من التوجه «الطائفي» لحزب الله ردّ قائلاً: «إذا كنا نحترم المسيحي واليهودي، فلماذا لا نحترم بعضنا كطوائف؟».

الفريق الأول كانت حساباته قائمةً على أساس أن الحملة لن تستغرق غير أيام معدودة حتى يقرأوا الفاتحة على روح الجنوب المشاغب، فيستريحون ويستريح. لكن اللعبة تحوّلت إلى حربٍ مفتوحةٍ على خلاف كل «التمنيات»، ما أحرج البعض ودفعه إلى «إعادة إنتاج» تصريحاته، أو بالأحرى التغطية على مواقفه.

المواطن العربي لاشك سيحمد للوزير القطري صراحته، وهو ما سيخلق له شعبيةً خاصةً لدى الكثيرين، لكننا نسأل عن وقع مثل هذه الصراحة على الشعب اللبناني الشقيق، حين يقرّ مسئولٌ عربيٌ بارزٌ بتآمر بعض الأشقاء عليه. وهو موقفٌ يزيد التشرذم والتنافر العربي، ويعمق الكراهية تجاه «الأشقاء» العرب، كما حدث سابقاً في الكويت ولاحقاً في العراق.

طلال سلمان (صاحب السفير)، وضع إصبعه على الجرح حين أشار في افتتاحيته قبل يومين إلى إن المخاوف العربية من تداعيات الحرب الإسرائيلية، بالذات ظاهرة الالتفاف الجماهيري الواسع حول حزب الله الذي حقق ما عجزت عنه الأنظمة العربية على امتداد 58 سنة، هي التي حرّكت هذه الأنظمة فجاء وزراء خارجيتها إلى بيروت، ولو متأخرين. ونبّه سلمان الأنظمة إلى أن الحرب الأهلية إذا ما فجّرها قرارٌ دوليٌ ظالمٌ لم تستطع هي تعديله، ستمتد إليها، «لأن المسئولية (العربية) ستكون واضحة وضوح الشمس: انها انحازت إلى (إسرائيل) ضد المقاومين الأبطال الذين يمثلون نخبةً من شباب لبنان المؤمنين بحقوقهم في وطنهم... وستكشف هذه الأنظمة عوراتها جميعاً وستتبدى وكأنها تفضّل انتصار (إسرائيل) على المقاومة، فكراً وعملاً... وهذه جريمةٌ قوميةٌ لن تستطيع التخفيف منها مهما حاولت تشويه صورة المقاومة في لبنان وإنجازاتها العظيمة».

وهو كلامٌ لا تنقصه الصراحة، فالصراحة راحة، حتى في لبنان الذي تشاور وتفاكر وتآمر على وضع خطة ذبحه الأشقاء العرب

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1434 - الأربعاء 09 أغسطس 2006م الموافق 14 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً