العدد 1434 - الأربعاء 09 أغسطس 2006م الموافق 14 رجب 1427هـ

العدوان الإسرائيلي على لبنان نيشان شرف أم وصمة عار على لفنانين؟

لكل منا رسالة يحملها على عاتقه ويكون مسئول عنها ولاسيما في ميدان عمله وتخصصه فضلا عن الاسلوب الذي من خلاله يعمد به للتعبير عن رفضه أو قبوله لمبدأ في هذه الحياة أو موقف ألم بالأمة، وإن اختلفت التوصيفات يظل اللسان عبر كل الأزمان هو الحصان فإن صنته صانك وإن خنته خانك والأهم من كل ذلك أن هناك من هم تحت المجهر محاسبون أكثر من سواهم لأسباب عدة من أهمها الحضور الإعلامي والمكانة الاجتماعية (وأحيانا) قليلة القدرة على صنع القرار، إن كان لرجال الساسة نظرة تحليلية للوضع الراهن وللاعلاميين اخرى توصفه وتنقله عبر الأثير فعالم الفن هو الآخر لا يقل أهمية في التأثير على الشارع، بيد أن مواقف كل فنان في مثل هذه الظروف الحرجة لطالما كانت ومازالت واحدة من اثنتين لا ثالث لهما أما نيشان شرف تظل الناس تتناقله وتتغنى به وتزداد احتراما له ولفنه فيمسي محط إعجاب كإنسان مسئول عن فنه أكثر من كونه فناناً يقدم سلعة فنية قد تنساها الناس مع الوقت او تتناساها مع ظهور كل ما هو جديد، وأصدق مثال على ذلك موقف الفنان الكويتي عبدالحسين عبدالرضا إبان حرب الكويت وأغنية «فيروز» بحبك يا لبنان والتي مازال صداها وجرح أيامها يدوي في كل قلب عند كل عدوان غاشم، وفي مقابل ذلك قد يكون موقف الفنان وصمة عار من شأنها أن تلغي رصيده الفني وتجعلة على قائمة «بلاك لست».

قد لا نضيف جديدا فالكل تابع بالتأكيد بشغف أخبار العدوان الإسرائيلي على لبنان وتداعياته على جميع الأصعدة ومنها الصعيد الفني، إلا أن تقريرنا هذا يسلط الضوء على مواقف الفنانين من الحرب الأمر الذي من خلاله قد يصنفه الشارع والمتابع والمهتم الفنان في احدى الخانتين (بنيشان شرف، أو وصمة عار).

فنان له صولات وجولات في ميدانه وأعمال تسجل على أولوية اجندة الأفلام العربية الرائدة، ولا يسعنا في هذا المجال فتح خزانة الذكريات لنتحدث عن مشواره الحافل مع السينما منذ البداية، وبالتحديد منذ أول أفلامه الذي كان بعنوان «دلال المصرية» مع المخرج الراحل حسن الإمام وإلى آخر بصماته الفنية في فيلم «أولاد الأكابر» ليحظى بلقب «دنجوان» الشاشة إلا أنه من الواضح أن «العرق دساس» كما يقال فقد ولد في بيت سياسي، إذ كان جده الكبير رئيس مجلس الشورى وهو مؤسس حلوان وأول من اكتشفها وعاش فيها في عهد الخديوي توفيق، فضلا عن أن جده محمد باشا فهمي كان ناظر الخاصة الملكية في عهد السلطان حسين كامل وكان عضواً في مجلس الشيوخ، والده محمود باشا فهمي كان سكرتيراً لمجلس الشيوخ ودرس العلوم السياسية في باريس، الأمر الذى رمى بثقله على موقف حسين فهمي الجاد حيال العدوان على لبنان ليسجل إنجازا يشهد له ويضاف إلى سلسلة خزانة ذكريات الناس عنه عن منصبه سفيراً للنوايا الحسنة لدى الامم المتحدة بعد أن أصبحت عاجزة عن تحقيق دورها الحقيقي وأصبحت مجرد اداة في يد الولايات المتحدة للحد الذى جعلها لا تستطيع حتى ادانة مذبحة قانا الاخيرة!


دلعها حتى في حزنها

ولم يكن موقف المطربة اللبنانية ذات الصيت أقل من سالفها ففي حين رأيناها مرارا وتكرارا تتمايل بدلع على خشبات المسرح وتسحر القلوب بأشقى فيديو كليبات كان لها وجه آخر في الحرب على وطنها عبرت عنه من خلال دمعات لم يفارقها الدلع الذي اعتدناه منها لترمي كلمة تصيب لب الحقيقة على رغم حداثة تجربتها وسنها حينما قالت: «أفضل رؤية الموت والبقاء في وطني في الوقت الذي يرغب الحكام العرب في الاستمتاع بحفلاتي».

وتعبيرا عن حال الحزن والتنديد بالعدوان الإسرائيلي على موطنها لبنان، سجلت نانسي أغنية وطنية تحمل اسم «لبنان حبيب العمر» وهي تذاع حاليا في جميع القنوات الإذاعية اللبنانية بمعدل نصف ساعة.


حركتني الغريزة... هيفاء

رفيقة الدلع والإغراء اسمان لا ينفصلان عن بعضهما في كل حفل ومحفل. الدلوعة نانسي عجرم والشقية هيفاء وهبي إلا أن لهيفاء وجهة نظر قومية أخرى وإحساساً بالمسئولية تجاه أهلها أقوى بكثير من إحساسها بالانتماء لوطنها في محنته، عبرت عنه بعصبية في إحدى تصريحاتها، معتبرة نزوحها من لبنان وسفرها للخارج دفاعا عن حياة أهلها وموقفاً نابعاً من تلبية نداء غريزتها (غريزة حب البقاء) ولم تكتف بذلك بل تركت الفن والرقص والتمايل أمام شاشات التلفاز وأمام نظرات كل معجب ومريض لتفتي في السياسة، مستنكرة بكل جرأة الوضع الراهن فتقول: «اعتقد أنه ما من احد اهتم بأخذ رأينا قبل أن يخوض هذه الحرب، لماذا علينا دوماً أن نحل مشكلاتنا بالعنف؟».

ولم تخف استياءها من كل الذين يحاولون المزايدة على وطنيتها واتهامها بهجر بلدها في محنته، مؤكدة أن تصرفها نابع من خوفها على أهلها وغريزتها في حب البقاء.

هذا، وعادت الاحزان تداهم الفنانة رغدة التي تعد في صدارة الفنانين العرب المهتمين بالقضايا القومية، فكما لعبت دورا بارزا في سنوات الحصار التي فرضت على العراق قبل سقوط نظام الرئيس صدام حسين تقوم الآن بمجهود مماثل من أجل دعم المقاومة في لبنان، إذ قررت رغدة السفر لبيروت خلال الايام المقبلة بمبادرة شخصية للمساندة المدنيين هناك، وقامت بفتح الباب امام الراغبين في السفر معها لنصرة اللبنانيين.

وكما عهدناها شخصية قوية خلف شاشات التلفاز لم تقل قوة في مواقفها الحياتية، إذ اكدت أن الشعوب العربية مطالبة الآن باتخاذ موقف عملي بعيدا عن التباكي وذرف الدموع، معتبرة مواقف الانظمة العربية مخزية بكل ما للكلمة من معنى، ودعت إلى عدم اهدار مزيد من الوقت على الكلام، مشيدة بموقف أمين عام حزب الله السيدحسن نصرالله ووصفت ما يقوم به بأنه يمثل دفاعا عن كرامة الامة المستباحة واعتبرت نقد بعض الحكام له بالنقطة المضيئة في تاريخه.

نجمة البوب العالمية الكولومبية اللبنانية الاصل شاكيرا دعت هي الاخرى الى وقف لاطلاق النار في لبنان، وذلك قبل أن تبدأ عرضها في حفلة غنائية في العاصمة اليونانية أثينا. هذا، ولقي نداء شاكيرا استحساناً في اليونان التي تشهد تظاهرات شبه يومية ضد الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان والتي لجأ اليها نحو 1700 شخص من لبنان في ظل الحرب الحالية، بينهم 1200 شخص لا يحملون الجنسية اليونانية.

في حين عكف كل من الفنان فضل شاكر ونوال الزغبي في ما تبقى من «لبنان» هرع كل من عاصي الحلاني وراغب علامة وقبلهما نيكول سابا بعد ضرب مطار بيروت إلى خارج لبنان في حين أصرت باسكال مشعلاني على البقاء.

ومن منظور سياسي توقع متفائلا الفنان يحيى الفخراني أن «الصورة التي نشاهدها كل يوم تعيد الى أذهاننا مذابح الاسرائيليين في حرب 48 ونكسة 67 الى أن تحقق الانتصار المجيد في 73 وسيتحقق النصر قريباً».


بساطة وشعبية شعبان عبدالرحيم

لم تكن صواريخ حزب الله وصمود الشعب اللبناني الآليات الوحيدة لدحر العدوان، بل من بين أروقة المقاهي وبساطة الأحياء الشعبية وجه الفنان الشعبي شعبان عبدالرحيم (شعبولا) كلمته بألبوم تقدمت السفارة الإسرائيلية في القاهرة على اثره باعتراضات شديدة اللهجة إلى وزارة الخارجية المصرية، إذ جاءت فيه أغنية تحت عنوان «2 عساكر» و تضمنت انتقادات لاذعة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت وانتقدت السفارة في مذكرتها أغنية شعبان عبدالرحيم لمقطع «شارون ارتحنا منه وجالنا أولمرت اللي أوسخ منه»، وحذرت فيها من أن موافقة الجهات الرقابية على مثل هذه الأغاني قد يحدث توتراً في العلاقات المصرية - الإسرائيلية في وقت شهدت فيه هذه العلاقات تطوراً كبيراً خلال الأشهر الماضية.

في مقاييس الرابح والخاسر دائما هناك ما يسمى بأثرياء الحرب يقابلهم معدموها لا ماديا فقط بل شخصيا، وللقارئ حق تقييم موقف كل فنان وتصنيفه ضمن الخانتين «نيشان شرف أم وصمة عار... أثرياء الحرب أم معدموها؟»

العدد 1434 - الأربعاء 09 أغسطس 2006م الموافق 14 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً