لا أدري ما هو أغرب، أن يجبر الناس على تسجيل أجهزة الواي - فاي والبلوتوث وقرار حجب «غوغل إيرث». بالطبع نحن، في مملكة البحرين، نتخذ خطوات كبيرة ومرموقة بين دول العالم النامية الأخرى. ومنها التطورات العمرانية في المنطقة، والتي كنا نتابعها بسهولة عن طريق وسائل مثل «غوغل إيرث». لكن في الوقت نفسه، ما زالت بعض الجهات لا تثق بالمجتمع الذي عليها أن تمثله وتحميه. والمجتمع هنا لا يتضمن فقط الشعب بشكل عام. بل لدينا أيضاً المستهلكون، الموظفون والمستثمرون.

حتى لو قيل إن تسجيل أجهزة اللاسلكي الاستهلاكية ما هو إلا تدريب إداري لإسكات بعض النواب، فإنه مازال شيئاً مخزياً. فأي واعٍ لأمور التقنية سيضحك إن قلت له هذا الأمر. ولا داعي للنظر إلى بعض الدول التي طبقت قوانين مماثلة، فنحن يجب أن نبني ونعزز الثقة بيننا وبين التطور التقني. لأن إذا كان هناك شيء نتعلمه مما سلف، فهو أن التقنية عادة ما تسبق السياسة والبيروقراطية وفي نهاية الأمر تتغلب على كليهما.

لماذا إذاً مازالت بعض الجهات أنكرونستيكية في نظرتها إلى استخدام التقنية من قبل المجتمع، من قبل المستهلكين والمستثمرين وكل من يريد أن يتعلم وييسر أمره في كل أمور الحياة والمال والأعمال؟ لماذا؟ هل هو لأن البعض يخاف من أبنائه أن يستقبلوا مواد إباحية عبر البلوتوث؟ ألا يعلموا هؤلاء بأن الاستقبال هو في تحكم حامل الجهاز؟ فمثلما ينصحوا أبناءهم بعدم ركوب سيارة شخص لا يعرفونه، عليهم نصح أبنائهم بألا يستقبلوا مواد مرسلة من الغرباء. نعم، الأمر هو بتلك البساطة، فالتربية والتوعية خير من ألف قانون وأي عدد من العراقيل البيروقراطية التي يمكننا وضعها.

لكن قد يكون الأمر أكثر تعقيداً من هذا كما يريد البعض زعمه. الحقيقة هو أنه حتى من الناحية التقنية ذبذبات البلوتوث والواي - فاي (والواي - ماكس) قريباً التي كلها تستخدم في كل مكان من المنازل إلى المقاهي لبث الشبكات والانترنت، لا تتداخل مع ذبذبات رسمية أو رئيسية أخرى.

أما بالنسبة إلى حجب «غوغل إيرث»، فأستعير عبارة من أحدى المدونات البحرينية إذ قال «بيلرمان» (http://boilerhero.blogspot.com) إن «ليس هناك ما يمكن اخفاؤه في البحرين. قلة الشواطئ العامة؟ تدمير الواجهة البحرية على رغم وجود مساحات شاسعة في داخل البلد. القرى المهملة مقارنة بالمناطق الخاصة... نحن دائماً على علم بهذه الأمور. حجب «غوغل إيرث» لن يجعلنا ننسى».

تحاول بعض الجهات بشتى الأساليب العبيطة منع الناس من الوصول إلى المعلومات. فكما يقولون، من يتحكم بالمعلومات يتحكم بالعالم والفرص المتاحة. لكن في عصر الشبكات، المعلومات المحتكرة لديها قابلية لأن تصبح عامة في لمح البصر مهما حاولنا إخفاءها. فليعلم الجميع بهذا الأمر