إن حرباً إسرائيلية سورية تعني بالضرورة في ساعة التسوية مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة حول الجولان، و«إسرائيل» لا تريد ذلك. تعني أيضاً أن يتبدل النظام السوري الحالي، فإما فتنة وإما قوة أخرى - إسلامية أصولية - على ما يبدو، و«إسرائيل» أيضاً لا تريد ذلك. وعلى منطق هاتين الفرضيتين، لا يخشى وزير الخارجية السوري المعلم من أن يقول: «أهلاً وسهلاً... بالحرب».
لم تشفع الحرب ولا حيثياتها في أن يكون وزير الخارجية السوري شخصية مرحباً بها في بيروت، فبعد أكثر من العام ونيف العام من الغياب السوري الرسمي عن بيروت زارها المعلم، ولم يكن من وراء الزيارة إلا أن تباهى الوزير بأنه يستطيع الترحيب بالحرب دون خوف، لعلمه - مسبقاً - بعاقبة الأمور.
هذا التحدي المفاجئ لسورية لبناني «النكهة» و«الزمان» و«المكان»، ولأنه كذلك فلا فائدة من الخوض فيه، ولعل جنبلاط كان دقيقاً في تعليقه مساء حين قال «أسد في بيروت... نعامة في الجولان».
الجولان التي أصبحت بمثابة سجل من سجلات «الذكرى»، لم تعد تعني لسورية استعداداً للحرب ولا ترحيباً بها، إلا أن لبنان يستحق أن يرحب لأجله بالحرب، وفي تلك متناقضة مع نتيجتنا الأولى، فهل سورية معنية بحماية لبنان وحزب الله؟ إذاً... ماذا تنتظر سورية بالضبط حتى تقوم بدورها التاريخي في حماية حزب الله ولبنان؟
سورية التي تقف في منطقة باردة أبدت دعمها للبنان، واللبنانيون مازالوا منقسمين بشأن سورية، حتى يخال لبعض الأصدقاء تمثيل ذلك بمناصفة الشعب اللبناني لكتلتين متوترتين بين موالاة سورية ومعاداتها، وبين هاتين الكتلتين تقف وحدة اللبنانيين على المحك.
سورية التي لم تحرك منذ مدة ملف جولانها المحتل يظهر أنها باتت تأمل وساطة أميركية جديدة تأتيها بالجولان كما أتى وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر بمدينة القنيطرة من أيدي الإسرائيليين، وإلا فيبقى الحال على ما هو عليه.
البطولات المجانية في بيروت، وخصوصاً المأمونة العواقب منها تحديداً، لا ضرر منها، شيء يذهب لشاشات التلفزة والصحافة، وآخر لتشجيع الناس. إلا أن لبنان اليوم لا يحتاج بطولات مجانية، يحتاج أن تتوقف هذه الحرب بأية طريقة، «دبلوماسية إنهاء للحرب» هذا كل ما يحتاجه اللبنانيون اليوم. لبنان الذي أنهكت قواه هذه الآلة العسكرية الإسرائيلية يستحق منا أن ننتشله من هذا العدوان، لا أن نبني على أنقاض مبانيه بطولات في الوقت الضائع
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1433 - الثلثاء 08 أغسطس 2006م الموافق 13 رجب 1427هـ