تحفظت ألمانيا على رغبة رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت بإرسال جنود ألمان ضمن مهمة سلام دولية للحلول مكان القوات الإسرائيلية في منطقة عازلة تمنع حزب الله من مهاجمة «إسرائيل». وقالت مصادر حكومية في برلين ان قراراً بهذا الشأن سيتم اتخاذه فقط في حال استطاعت الأمم المتحدة طرح تفويض قوي. لكن رئيس الحزب الليبرالي المعارض في البندستاغ (البرلمان الألماني) جيدو فيسترفيلله حذر من تحول ألمانيا إلى طرف في الحرب إذا شاركت قواتها المسلحة في مهمة دولية.
وكان أولمرت قد أبلغ صحيفة «زود دويتشه» أنه أبلغ المستشارة أنجيلا ميركل التي وصفها خلال المقابلة بأنها صديقة كبيرة لــ «إسرائيل»، أن بلاده لا تعارض إرسال جنود ألمان إلى جنوب لبنان، وإذا كانت ألمانيا مستعدة للمساهمة في ضمان أمن الشعب الإسرائيلي ستعود عليها المساهمة العسكرية ضمن قوة دولية بالنفع. وأضاف اولمرت: «قلت لميركل أيضاً اننا سنكون سعداء جدا إذا شاركت ألمانيا في قوة استقرار دولية في جنوب لبنان».
لكن مصادر الحكومة الألمانية أشارت إلى أن الأمر يتعلق بالأمم المتحدة والقرار عائد لها في من تختاره من الدول للمساهمة في تشكيل قوة دولية للمرابطة في الجنوب. وقالت هذه المصادر ان ألمانيا ستقوم على ضوء نوع التفويض الدولي بدراسة كيفية المشاركة، وأوضحت أن ميركل تحفظت جدا حتى الآن فيما يتعلق بمشاركة جنود ألمان في مهمة دولية، في الوقت نفسه تشعر حكومتها بامتنان حيال تصريحات أولمرت، لأن موقفه علامة ثقة بألمانيا ودليل تاريخي على المستوى الذي بلغته العلاقات بين ألمانيا و«إسرائيل».
وزير الدولة للشئون الخارجية غيرنوت إيرلر قال لصحيفة «دي فيلت»: «أثرت بي ثقة (إسرائيل) كثيراً، لكن ليس بوسعنا اتخاذ قرار بشأن إرسال جنود ألمان قبل صدور تفويض قوي من مجلس الأمن». واستبعد إيرلر كليا تكليف القوات المسلحة الألمانية بمهمات عسكرية، وعزا ذلك لأسباب تاريخية، وقال إنه من الصعب تصور حصول مواجهة مسلحة بين جنود ألمان وإسرائيليين، واقترح أن تتمثل المهمة الألمانية في تدريب كوادر الشرطة أو الجنود اللبنانيين.
الحزب الاشتراكي، شريك الاتحاد المسيحي في الائتلاف الذي تتزعمه ميركل، يذهب إلى أن البندستاغ لن يؤيد بالغالبية إرسال جنود ألمان إلى جنوب لبنان. النائب يوهانيس كارز (من الجناح اليميني للحزب) وعضو ما يعرف باسم لجنة زيهامر التي ترعى علاقات الحزب الاشتراكي مع «إسرائيل»، أشار إلى أن تأييد المهمة يحتاج إلى موافقة غالبية واضحة، غير أن الحزب الليبرالي المعارض أعرب عن معارضته عملية عسكرية ألمانية في الشرق الأوسط، كما أن رئيسة المجموعة البرلمانية لحزب الخضر كيرستين مولر عبرت مرارا عن شكها بهذه المهمة لأسباب تاريخية.
مفوض الحكومة الألمانية المشرف على نشاطات القوات المسلحة راينهولد روبي لا يعتقد بوجود إمكان حالياً للمشاركة الألمانية، قائلا ان من الصعب حتى تصور تقديم مساعدات لوجستية كإقامة مستشفى ميداني، لكن قائد القوات المسلحة الألمانية السابق كلاوس ناومان دعا إلى المشاركة في مهمة حفظ الاستقرار في لبنان، على اعتبار أن الجيش الألماني يتمتع بسمعة جيدة فيما يتعلق بمهمات الاستقرار.
محرر الشئون الخارجية في صحيفة «زود دويتشه» كريستوف شفينيكي قال إن أولمرت أحرج الحكومة الألمانية بطلبه إشراك جنود ألمان في مهمة دولية في جنوب لبنان، في الوقت الذي نفذت طاقات الجيش الألماني بسبب المشاركة في مهمات دولية عدة مثل أفغانستان والبلقان والقرن الإفريقي والكونغو. أما من الجانب السياسي فهناك خشية برلين التي تتمتع بعلاقات جيدة مع الدول العربية، من أن تخسر سمعتها عند العرب إذا امتنعت عن المشاركة في قوة دولية، كما سيضعف نفوذها السياسي دوليا خصوصاً أنها تسعى إلى دور مهم في السياسة الدولية
العدد 1432 - الإثنين 07 أغسطس 2006م الموافق 12 رجب 1427هـ