العدد 1432 - الإثنين 07 أغسطس 2006م الموافق 12 رجب 1427هـ

«نُرفُضْ نِحنَا نموت...»

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

ستغني «جوليا بطرس» مرة أخرى على هضبة من هضاب الجنوب أغنيتها «يا جنوب»... والتي يحبها لبنان. سمعتها الأرض بالأمس، وستسمعها «غداً»...

أن تقول «ثمة دولة في لبنان» فتلك عبارة لـ «الدعاية». و«الدعاية» في الحرب ضرورة لا خلاف فيها، وحين تنتهي الحرب، سمو الأشياء بأسمائها لو سمحتم...!

الحديث في مفهوم «الدولة» معقد، وإن كان المقصود من الحديث تلك الأرض المسماة «لبنان» فالأمور تبدو أصعب وأكثر تعقيداً، فالحقائق عن «بيروت» بعدد سكانها، لكل بيروتي حقيقة يعرفها، يؤمن بها، يدافع عنها، ويقاتل البيروتي الآخر لإبقائها حية. لا نافذ في لبنان للمشاركة في الحقائق الواحدية الأحدية والحدية.

لذلك، لا غرابة أن ننتقل من الحوار في «الدولة» بالمفهوم «الفيبري» - نسبة لماكس فيبر - إلى الحوار في «الدولة» - إن كانت لبنان - من مفهوم ثقافي أو أدبي كالذي يعطيه أدونيس لبيروت.

ولا خلاف في المحصلة أننا بتنا في هذه الأزمة نلزم اللبنانيين بما لم يتعودوه، فليست «الطائف» بداية الدولة في لبنان أو مرحلة نضجها التي نعود لها كأننا نؤسس ليوم الهجرة أو ميلاد المسيح. العودة للطائف - كما يزعجنا بها وليد جنبلاط في كل حوار من حواراته - ليست عودة العارف بأن في الطائف «حرية لبنان وتأسيس دولته» بقدر ما تمثل العودة عودة المستفيد الذي يقرأ في الطائف اليوم تحقيق أجندته الخاصة. ومتى تعارض الطائف مع الأجندة، فلا «طائف» حينها، ولا هم «يتطوأفون».

اللبنانيون متصالحون مع هذا الوضع، منذ أبد التاريخ وهم يجيدون «اللبنة» بالقدر الكافي والمستطاع والمقنع، فـ «الطائفة» أولاً، وبعدها أياً يكن. لم يكن للبنان المقسم والمسحوق بالحروب على مر التاريخ «وطن»، كان دائما «ساحة» مفتوحة لـ «الحب» و«الحرب» معاً، فلماذا تتكرم عليه الولايات المتحدة اليوم بوطن في شرق أوسطها الجديد، ولماذا نبالغ نحن من ورائها في «هوس الدولة».

لا يمكن أن يكون لبنان شيئاً واحداً، الذين يعرفون بيروت يعرفون أنها لا تتفق على شيء، ولا يتفق عليها في شيء، نسيج من اختلاف لا يعرف الوصول لحقائق تاريخية - وهمية - تبسط فقراتها على لبنان الأرض ست كانت النقاط أم سبع.

من يعرف لبنان، يعرفه عصي على «البقاء» مأسوراً بنمطية واضحة، هذه الأرض لا تحب الحياة الباردة على رغم برودتها الساحرة.

«الولايات المتحدة» وريثة العرش البريطاني، وفرنسا، و«إسرائيل» وفلسطين وإيران والسعودية ومصر وبالطبع سورية، وغيرهم الكثير... كل الأيدي هنا، كلهم يحبون بيروت، كلهم فيها، جيوشهم، مخابراتهم، رسائلهم، أوراقهم، قواهم السياسية، أسلحتهم، وزراءهم، سياحهم، أموالهم... ماذا بعد... يكفي.

هذا الملعب الكبير الذي يحتضن كل الصراعات السياسية في الشرق الأوسط لا يكشف عن نمطية اللعب فيه، لا أحد يعرفه، لا أحد يتباهى من العابثين هناك بأن الأرض - كل الأرض - أرضه، تستمر لبنان مرتعاً للموت والحياة، للدمار وإعادة الإعمار، والاتفاق وفك الاتفاق، والتصالح وإنهاء التصالح، والتحالف والتخالف، والارتباط وفك الارتباط، والحب واللاحب، وماذا بعد... يكفي. لا نهاية لهذه الحرب التي تدور بين شتى الأطراف على حساب لبنان وإنسانه المعذب، ثمة أوقات تتوقف فيها الأعمال العدائية بين اللاعبين، ولا هدف من ذلك سوى أن تعود أرض الملعب صالحة للعب مرة أخرى، بشكل أكثر دموية وعنفاً، دورة حياة من العنف، لكنها دورة إحياء «مجنونة» لشعب لم يعرف في يوم من الأيام طيفاً يرتاح من الحرب والسياسة.

تجدون في ورقتنا التحليلية ادوار كل لاعب وطموحاته، لكن ما أهملناه هم المتفرجون، المتفرجون ليسوا اعتياديين، مشاهدو هذه اللعبة الدموية «كبار شخصيات» من المستوى الأول، الرؤساء العرب، مجلس الأمن، مؤتمر الدول الإسلامية، أوروبا بكاملها... ماذا بعد... معهم «نحن»... وهذا أكثر ما يكفي

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1432 - الإثنين 07 أغسطس 2006م الموافق 12 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً