سؤال كثيراً ما يتردد في ذهني حينما ترتكب «اسرائيل» جريمة كبرى كالتي فعلتها بقانا أخيراً: هل هذا الفعل وأشباهه هو تكتيكات حربية تستخدمها الآلة العسكرية الصهيونية لاضعاف ارادة المقاومة في الجانب الآخر، أم أن هذه أخطاء «طبيعية» ترتكب في الميدان العسكري حيث تتداخل الأهداف بين العدوة والصديقة والبريئة، أم أنها من ثقافة بني إسرائيل، إذ الولوغ في الدماء وارتكاب المجازر وقتل الانبياء والابرياء عبر تاريخ البشرية على هذه الأرض؟
«إسرائيل» دائماً تطرح التفسير الثاني تبريراً لجرائمها البشعة التي ترتكبها هنا وهناك، وتعتبر ذلك أمراً طبيعياً كما تحدث في كل الحروب عبر العالم، ونحن نتذكر جيداً أثناء حرب الخليج الثانية كيف أصبحت النيران الصديقة سبباً لقتل الكثير من جنود القوات الحليفة. ولكن، بشاعة الجرائم التي ترتكبها «إسرائيل»، والطريقة المتعجرفة التي تبرر بها هذه الجرائم كما فعل مندوبهم في الأمم المتحدة بعد مجزرة قانا الثانية، وطريقة تقديم الاعتذارات المشفوعة باتهامات، والتحقيقات التي دائماً ما تغلق من دون اتخاذ اجراءات... هذه تجعلنا نجزم بأن في الأمر تعمدا وليس مجرد أخطاء.
أما هل هذا التعمد تبعاً لتكتيكات حربية تقوم بها القيادة العسكرية الصهيونية، فإن النتائج التي تخرج بها مثل هذه الجرائم دائماً ترتد على الكيان الصهيوني، وتحصد مواقف دولية منددة، وصموداً شعبياً وتلاحماً وطنياً مع المقاومة حتى من أولئك الضحايا والمصابين، وهو ما حصل ويحصل يومياً في لبنان الجريح.
«إسرائيل» ترتكب جرائم كثيرة بإعلان رسمي منها، وهي في أفعالها تخالف كل القوانين والمعاهدات الدولية. في لبنان الآن تمارس بوضوح سياسة التطهير العرقي، فهي تطلب من المدنيين في الجنوب مغادرة القرى والمدن ثم تقوم بمسح بيوتهم بالأرض، وهي سياسة الأرض المحروقة، ثم تقوم بقطع كل الطرقات المؤدية الى هذه القرى والبيوت، وبذلك تمنع المهجر من العودة إلى قريته وبيته. ثم إن «إسرائيل» قامت بقصف البنى التحتية للاقتصاد والمدنية في لبنان، محطات الكهرباء والماء، ومحطات البنزين، ومخزون الطاقة، والمؤسسات الأهلية، والمدارس والمستشفيات والجسور والطرقات وكل شيء وهي لا تستحي وهي تمارس هذه الافعال بل تدافع عنها بكل وقاحة، ويسندها الأميركان وعدد من دول اللاضمير في العالم «الحر»!
وكذلك قتل الاطفال بدم بارد، فالضحايا الاطفال من العدوان الصهيوني يعادلون ثلث الضحايا، وهم يدافعون دائماً بأن الاعداء (حزب الله) يتمترسون بهؤلاء الاطفال، وهي حجة واهية تثبت دائماً كذبها مع كل جريمة ترتكب!
بعد ذلك، أليست «إسرائيل» تفعل ما تفعل وتهرق الدماء بلا حساب وبسابق إصرار وترصد وكلها جرائم تقوم بتبريرها؟ أليست من الثقافة الصهيونية التي تختزن الكثير من الجريمة والعار والتي قال عنها ربنا سبحانه وتعالى: «كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون» (المائدة: 79)
العدد 1431 - الأحد 06 أغسطس 2006م الموافق 11 رجب 1427هـ