تاريخ المنطقة يشهد أن الدولة العبرية تضرب بعرض الحائط جميع القرارات الصادرة عن المنظمة الدولية الأمم المتحدة ومجلس أمنها، بل يدوس هذا الكيان الصهيوني على جميع القوانين والأعراف الدولية، لكن على غير العادة تحمست حكومة أيهود أولمرت للقرار الاممي الذي أعدته فرنسا والولايات المتحدة في مجلس الأمن الذي ينص على وقف الأعمال العدائية، وقالت تل أبيب إنه انتصار لـ «إسرائيل». طبعاً العكس هو الصحيح، أرادت «إسرائيل» أن تحفظ ماء وجهها بهذا القرار بعد أن ذهلت من عدم قدرة جيشها على إخضاع المقاومة بسرعة وسلاسة وبشكل نهائي، فبعد مرور 28 يوماً من بدء العدوان الهمجي على لبنان لم يعتقد أي أحد في الحكومة الإسرائيلية وجنرالاتها أن هذا الهجوم سيستغرق كل هذا الوقت والجهد وان يكون لحزب الله هذا النفس الطويل وقوة التحمل. والدليل على هذا الخلافات التي نشأت وسط أركان حكومة العدو، إذ رأى العسكريون التركيز على هجوم بري واسع النطاق يتجاوز نهر الليطاني بينما رأى نواب في الكنيست أن ذلك يعرض أرواح الجند لمزيد من الإزهاق، كما أن الزيارة الأخيرة لمساعد وزيرة الخارجية الأميركية ديفيد ولش لبيروت دليل على الورطة التي وقعت فيها «إسرائيل». فلو أن المهمة العسكرية الإسرائيلية جرت على النحو الذي وضع لها وهو القضاء التام على حزب الله، لما بعثت الإدارة الأميركية هذا الدبلوماسي إلى بيروت وخصوصاً بعد أن رفضت حكومة السنيورة استقبال كوندوليزا رايس. القرار الاممي يعد مخرجاً لـ «إسرائيل» بنصه على وقف الهجمات حتى لا ترد المقاومة الإسلامية بمزيد من القصف على مدن شمال «إسرائيل» التي أصبحت مدن أشباح، وفي الواقع يعتبر القرار على رغم تحيزه لـ «إسرائيل» (وسيعدل لمصلحة لبنان طالما رفضته حكومة السنيورة)، انتصاراً لحزب الله، لأن الحكومة الصهيونية مضطرة لإزالة خطط عسكرية من جدول أعمالها تقضي باحتلال كل المنطقة الواقعة جنوب الليطاني، كما انه سيتم نشر قوات يونيفيل تابعة للأمم المتحدة وفي مرحلة لاحقة سيتم نشر قوة تابعة لجيوش عدة دول تعمل بتوكيل من الأمم المتحدة عند الحدود. كل هذا يخضع إلى موافقة الحكومة اللبنانية. ويقضي القرار بالدفع باتجاه التوصل إلى اتفاق لاحق بخصوص إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية، وهذا هو مربط الفرس والغاية التي شن من أجلها حزب الله العملية التي أسر فيها الجنديين الإسرائيليين. كذلك يتضمن القرار تسوية بشأن مزارع شبعا وعندها سيكون كل التراب اللبناني قد تحرر. إذاً القرار الاممي وان كان لم ينصف المقاومة الإسلامية على الوجه الذي تريد فإنه لن ينتقص من قدرتها على تحقيق أهدافها مادام بيدها زمام المبادرة على جميع الصعد والمهم هنا توحيد الصف اللبناني والكلمة العربية
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1431 - الأحد 06 أغسطس 2006م الموافق 11 رجب 1427هـ