استطراداً لما جاء في الحلقة الأولى عن خسائر الأميركان في العراق، ننقل هنا ما أشار إليه ديفيد لوغران في كلمته بشأن دراسة حول خسارة دخل قوات الاحتياط بالجيش الأميركي نتيجة لإرسالهم للخدمة في العراق. وأجريت الدراسة من قبل مكتب شئون الاحتياط بوزارة الدفاع الأميركية، وجاءت هذه الدراسة لتوفر معلومات مهمة بشأن تشريع للكونغرس يخص تعويضات جنود الاحتياط. فقد أظهر مسح أجري في العام 2004 أن 49 في المئة من جنود الاحتياط قالوا إن دخلهم قد انخفض نتيجة لتركهم عملهم الدائم، والالتحاق بصفوف قوات الاحتياط. وأن 43 في المئة منهم أكدوا أنهم خسروا أكثر من 10 في المئة من دخلهم السنوي نتيجة استدعائهم للحرب. ولكن الدراسة تستدرك لتلفت النظر إلى صعوبة تعميم نتائج هذا المسح لأن 30 في المئة فقط من قوات الاحتياط شاركت في الحرب العراقية على فترات متفاوتة. من ناحية أخرى، واستنادا على معلومات من قبل إدارة الأمن الداخلي، فان جنود الاحتياط الذين يلتحقون بالخدمة العسكرية أكثر من 30 يوماً في العام الواحد يحصلون على أكثر من ثلث دخل نظرائهم من جنود الاحتياط الذين يخدمون مدداً أقل، وذلك بسبب زيادة الدخل للمجندين، إضافة إلى حصولهم على اعفاءات ضريبية.
أما كريستوفر فوتي، فقد قال إنه من الصعب قياس مدى تأثير خسارة دخل جنود الاحتياط لمدة عام على دخل الإجمالي لسنوات كثيرة، وبما أن الأعمال الحرة غير موثقة بالكامل، فان إحصاءات دخل قوات الاحتياط لدى الإدارات الفيدرالية تعتبر شيئا غير دقيق. ويصعب أيضا قياس دخل الأسر الأميركية في ظل غياب الأب أو الأم عن العائلة نتيجة المشاركة في الحرب في العراق.
واختتمت المتحدثة الأخيرة كاترينا كوسكا الندوة ببعض المعطيات بشأن كلفة الحرب على العراق. وقالت إن الموازنة المباشرة للحرب العام 2005 وصلت إلى 311 مليار دولار، بالإضافة إلى هذه الموازنة، تمت إضافة خسارة مساهمة قوات الاحتياط الأميركية المشاركة في الحرب، وذلك بحساب معدل دخل يساوي 33465 سنوياً لكل جندي احتياط مشارك بالحرب. ثم إضافة خسارة الأرواح من قوات التحالف والعراقيين والمتعاقدين، وكلفة الإصابات، وكلف العلاج للجرحى. وأيضاً إضافة كلفة علاج الإصابات الدائمة (علاج مدى الحياة) للجيش الأميركي والتي قدرت بـ 22 مليار دولار.
وعلى رغم محاولة البعض وضع هذه الخسائر في صورة أرقام تعكس كلفة كل روح أو كلفة كل جرح، فإن الموضوع يصعب تحديد حساباته بصورة مطلقة محايدة في أي وقت قريب.
بقي أن ما ينبغي معرفته هنا إلى أنه على رغم تزايد الخسائر البشرية الأميركية في العراق ليقترب الرقم سريعاً من 3 آلاف شخص، وما يقرب من 20 ألف مصاب، وكلفة مالية تقدر بما يتعدى 450 مليار دولار، إلا أن هناك الكثير ما لم يتم احتسابه ضمن هذه الأرقام.
وعلى رغم توافر عدة تقارير صادرة عن مراكز بحثية مؤيدة ومعارضة للحرب، وتقارير حكومية وغير حكومية، أميركية وغير أميركية، تفصل هذه الأرقام، فان حساب الأرباح والخسائر المادية لهذا الصراع أوسع وأكثر تعقيداً من أن يقيم بسهولة.
ولهذا السبب بدأ عدد من الباحثين في تطبيق مبادئ ووسائل بحث اقتصادية ومالية لتقييم الكلفة للحرب في العراق، ومحاولة التنبؤ بالكلفة المستقبلية الطويلة الأمد. ربما من المبكر الوصول إلى أرقام دقيقة بشأن تلك الخسائر، لكن ما هو مؤكد أن واشنطن تنزف هناك، لكن مهما اشتد نزيفها يبقى ضئيلاً أمام نزيف الشعب العراقي
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1431 - الأحد 06 أغسطس 2006م الموافق 11 رجب 1427هـ