أي مقترح «تفاهم» لإنهاء الحرب الدائرة لابد أن يتضمن انسحابا إسرائيليا من كامل التراب اللبناني، وبما يشمل مزارع شبعا، وماخلا ذلك فللمقاومة اللبنانية أن تستمر في عملياتها، وبذلك على «إسرائيل» أن تعود لسابق وضعها قبل انسحاب العام 2000.
«حزب الله» والذي لازالت معادلات القوة في جعبته، لابد ألا يكون عرضة لتصفية سياسية متشعبة يكون هو وحده ضحيتها، ومع هذا الدمار الذي أحاط بلبنان، أي جديد ذلك الذي ستأتي به الآلة الإسرائيلية، على «حزب الله» أن يحفظ لأبناء لبنان هذه التضحية، وحفظ التضحية قبل إنهاء هذه الحرب ألا يقبل لبنان الحكومة بما لا يقبله لبنان المقاومة.
أقيم هذا الفصل بين «المقاومة» و«الدولة» على اعتبار أن اللبنانيين أنفسهم هم من أقروا هذا الفصل وعايشوه ورضوا جميعهم به وتوافقوا عليه، فلم أتقدم بخلاف ما يريد اللبنانيون أنفسهم. وسواء كان تقييم هذه الحالة من الفصل سلبياً أو إيجابياً فإن شيئاً على الواقع اللبناني لا يتغير، وليست دعوات فؤاد السنيورة ومن وراءه كتلة المستقبل النيابية سوى أضغاث أحلام، فمنطقة «السوليدير» التي أغلقت أمام النازحين المعدمين تدلل على أنه إذا كان ثمة من يريد أن يكون سلاح «حزب الله» تابعا للجيش اللبناني، فعلى أصحاب «السوليدير» وغيرها أن يعلنوا أن مناطقهم مفتوحة أمام اللبنانيين النازحين.
وما بين لبنان «الدولة» ولبنان «المقاومة» تدور رحى التسوية، ولا تسوية دون أن ترضى المقاومة ممثلة بالقوى التي تشارك في الدفاع عن لبنان، فالدولة وجيشها الذي استخف به الرئيس الإسرائيلي السابق بيريز حين قال: هذه أول مرة أرى جيشا لا يدافع عن أرضه أو بلاده وحكومتها قد يقبلون - بأبخس الأثمان - التنازل عن كل شيء بما يشمل التضحية بالمقاومة نفسها.
تاريخ الإتفاقات اللبنانية الإسرائيلية دائما ما كان مجرد وريقات مخروقة، ولبنان وحده من يدفع ثمن هذه الاتفاقات كل مرة، ولبنان «الدولة» التي هي مجرد «دمية» لا علاقة لها بنظم «ماكس فيبر» ولا غيره في العنف أو احتكار العنف، لابد أن تقر للمقاومة حقها في المشاركة في اتخاذ القرار. يقول قائل (الحزب حر في قراراته دون الرجوع للدولة، والدولة لابد أن تشارك الحزب في قراراتها).
هراء... «الدولة» التي تعجز عن حماية أرضها وسمائها وبحرها، وتتهرب من إغاثة نازحيها في مفهوم سياسي أو اجتماعي أو عقلاني أو خيالي يطلق عليها «دولة»
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1431 - الأحد 06 أغسطس 2006م الموافق 11 رجب 1427هـ