العدد 1430 - السبت 05 أغسطس 2006م الموافق 10 رجب 1427هـ

أسئلة «العم» عبدالله فخرو (رحمه الله)

محمد العثمان Mohd.Alothman [at] alwasatnews.com

تفتقد المحرق خصوصاً، وقرى ومدن البحرين عموماً، صوتاً مجلجلاً هز جدار الصمت، واخترق قلوب الناس، إنه صوت الراحل عبدالله علي جاسم فخرو رحمه الله تعالى وأسكنه الفردوس الأعلى. يفتقده واقعنا البحريني ونأمل ألا تفقده ذاكرتنا في يوم رحيله، الذي يصادف اليوم السادس من أغسطس/ آب.

قارع العم «فخرو» عبدة المال والنفوذ ولاثمي النعل وأكعب الأحذية بالحجج والبراهين والأدلة، وجلجل صوته «الفرجان» والمناسبات الاجتماعية المختلفة، منتصب القامة لم يخضع للذل يوماً، ولم يركع لجبروت القهرين السياسي والاجتماعي ساعة، ولم يهادن قانون «أمن الدولة» لحظة، ولم يرتكن أو يرتهن للمال والثروة أو حكم الحديد والنار، أي لا ترغيباً ولا ترهيباً.

من مرقده جرت هذه المحاورة بيني وبين العم عبدالله، بدأها قائلاً: «ولد عمي... أين وصل حالكم اليوم؟ لا شيء عم عبدالله! لماذا؟ ألم تخوضوا تجربة انتخابية وأدليتم بأصواتكم لاختيار ممثليكم؟ نعم، ولكن...! ولكن ماذا يا «ولد عمي»؟ يا عم عبدالله، النواب «على قد حالهم» ولم يقدموا ما وعدونا به! والآن ماذا أنتم فاعلون؟ لا شيء عم عبدالله، وبكل غباء سنعيد انتخابهم!

ماذا عن حال ثرواتكم، هل تم توزيعها بشكل عادل؟ لا يا عم عبدالله، مازال حالنا واقفاً على رغم ارتفاع سعر «السيد برميل النفط»! وماذا عن أزمتكم الإسكانية، فحينما كنت بينكم تم مواعدتنا ببناء مدن سكنية؟ والله يا عم عبدالله مازلنا نسمع ولا نرى، وليس الخبر كالمعاينة، ومعاينتنا لأراضينا لا تعدو عن استمرار مشاهد النهب والوهب، ولا نرى إلا أسواراً بحرية وبرية، وجزراً محرمة، وأراضي «منهوبة» و«موهوبة» لزيد وعبيد، حتى غدت البحرين جزيرة بلا سواحل!

إذاً حدثني عن الحياة السياسية التي من المؤكد أنها تطورت لديكم نحو الأفضل، أليس كذلك؟! يؤسفني يا عم عبدالله أن أزف إليك في مرقدك أن «ويعتنا من بطنا»، فالنواب الذين من المفترض أن يكونوا حماة الحريات السياسية في المجتمع، والمدافعين عن الديمقراطية، شرعوا عدة قوانين مقيدة ومكبلة ومحطمة لأي طموح في عمل سياسي احترافي! بدأوا «الزفة» بقانون الإرهاب، وعقدوا «الملجة» على قانون التجمعات والمسيرات، واستباحوا حقوقنا السياسية في قانون مباشرة الحقوق السياسية... وهلم جرا!

والآن يا «ولد عمي» جاوبني عن الهم الذي كان يؤرقني طيلة مسيرة حياتي السياسية والاجتماعية، وهو موضوع الطائفية؟ يا عم عبدالله، ليتك لم تسألني عن هذا الهم، إننا يومياً نشعر بأننا قاب قوسين أو أدنى من الحرب الأهلية! وكل يوم يمر علينا نحمد الله أننا لم نهبط سلما إلى هاوية النزاعات الطائفية. فـ «القوم الذين خبرتهم» مازالوا يغذون الخطاب الطائفي بين الجانبين، ومازالت الطائفة هي الأولى من الوطن، ومازالت العضلات الطائفية هي المسيطر الاجتماعي على الوضع العام في البحرين، ودونك المشاهد المنتظرة في الانتخابات البلدية والنيابية. كل ذلك على رغم أن العقد الاجتماعي (الميثاق والدستور) ينص على مبادئ المواطنة وغيرها من معان نبيلة!

إذاً يا «ولد عمي» عن ماذا أسألك؟! عم عبدالله، في شأننا البحريني لا تسألني عن شيء! فنحن كما خبرتنا لم نتغير إلى الأحسن بل ازداد الوضع سوءاً وفقعاً للمرارة، وحلوقنا بها غصة ما بعدها غصة. يؤسفني يا عم عبدالله أنني أذكرك بكل المآسي والمآقي والقروح التي مازالت مفتوحه على آخرها في جسد هذا المجتمع!

عبدالله علي جاسم فخرو حمل بين حنايا ضلوعه هموم شعبه، لم يفرق بين سني وشيعي، كان أبا الوطنية، وحاملاً للواء الإصلاح، ومكافحاً للاستعمار والظلم والاستبداد مذ بواكير نشأته الأولى... من أجل هذا ضحى فخرو براحته وعياله، وفي سبيل هذا مات فخرو، فهنيئاً له مرقده وفي عليين بإذن الله تعالى

إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"

العدد 1430 - السبت 05 أغسطس 2006م الموافق 10 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً