العدد 1430 - السبت 05 أغسطس 2006م الموافق 10 رجب 1427هـ

«الانعزاليون»... الطابور الإسرائيلي الأول

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

هذه الأمةُ بخير... بألفِ ألفِ خير. الأمة المهدّدة في وجودها، المكبّلة بالمخططات والمشاريع الأميركية والفتاوى التكفيرية و«قوانين أمن الدول»، مع ذلك مازالت تقاوم وتدافع عن نفسها ووجودها، وتخرج إلى الشوارع، من جاكرتا شرقاً إلى الرباط غرباً، لتقول كلمتها بأعلى الصوت.

هذه الأمة بخير، فهناك إجماعٌ كبيرٌ في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة، يجمع أطراف أمة محمد (ص) التي تكالب عليها اعداؤها، ولم يشذ عن الإجماع إلاّ «الانعزاليون»، وهؤلاء لم تفلح معهم حتى أنهار الدم ومناظر الدمار والقصف وتشريد المدنيين، فالقلوب الصدئة التي لم ترتو من الإيمان ولم تتشبّع بالعاطفة الإنسانية، قُدّت من الجلاميد.

الفنان السوري دريد لحام، كان ضيفاً على برنامج بثته قناة «نيو تي في» اللبنانية، فبدأ حديثه بأن قال للمذيعة: «لو بكّرتِ في دعوتي إلى البرنامج، لكنت حضرت إلى لبنان ولو سيراً على الأقدام». وهو من أبلغ تعابير التضامن مع شعب لبنان، بينما «الطابور الحاقد» لا يرى فيما يجري إلاّ حرباً بين اليهود والمتأسلمين!

عندما سُئل الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم عن هذه المرحلة قال: «بعدما حصل في لبنان لم أعد أقدر على النظر إلى وجهي في المرآة من العار، فأنا لا أستطيع أن أستوعب حاجة، أو أفكر أو آكل أو أفهم حاجة. الشباب الأنقياء يريدون أن يعملوا مظاهرات ضد (إسرائيل)، فينزل الأمن المركزي يكسرهم»!

نجم، الشاعر المناضل، شخّص المسألة كالتالي: «الدنيا مقلوبة لأن اللبنانيين يضربون الآن في اللحم اليهودي، بينما في غزة الشعب منهك، ومش قادر على الوصول إلى اللحم اليهودي». هذا ما قاله الشاعر العجوز، أمّا ما قالته بعض الجيوب الانعزالية المتخفية وراء البيانات المجهولة المصدر، التي تُوزّع على المصلين في أعقاب صلاة الجمعة، فيستهل البيان بمخاطبة المسلمين بالقول: «ان حرباً تجري في لبنان وليس للبنانيين أو العرب والمسلمين ناقة فيها ولا جمل».

ويذهب الطابور الإسرائيلي الأول، بعد أن نصب نفسه وصياً على كل المسلمين، وناطقاً حصرياً وحيداً باسم العروبة والإسلام، إلى القول «ان العرب العاربة والمستعربة والمسلمين منها براء».

وفي الوقت الذي تأتي كوندوليزا رايس بمشروع الشرق الأوسط الجديد، لتبشّر أبناء المنطقة العربية بتفتيت دولها إلى كانتونات عرقية وطائفية وقومية صغيرة، من سورية إلى السعودية، يذهب هؤلاء الانعزاليون مجهولو الهوية الذين تفوح من كلماتهم رائحة الأجهزة، إلى التحذير من حزب الله: «أيها المؤمنون أفيقوا لما يدبّر لكم بليل ويكيدون لكم كيداً، سعياً للسيطرة على العالم الإسلامي»! وينزل «المخابراتيون» إلى الدرك الأسفل من التفاهة بالقول: «هذه الحرب ليست حربكم، إنها حرب يهود خيبر وأبناء المجوس».

قبل أسابيع، تكلّم الكثيرون ضد الفتوى المشهورة ذات النَفَس الانعزالي التكفيري، وفي مقدمتهم الشيخ القرضاوي وعلماء الأزهر الشريف، حتى سقطت تحت الأقدام، فتجاوزتها الشعوب في مختلف الأقطار العربية والإسلامية، ولم يبق غير هذا الجيب الانعزالي الجبان، الذي وزّع بيانه المشبوه وغير المذيّل بتوقيع، أمام أحد مساجد المحرق، استباقاً لخروج مظاهرةٍ تقدّمها علماء الطائفتين تضامناً مع لبنان. ولم يكن غريباً أن تصدّى لهم أبناء المحرق الكرام... أصحاب المواقف الوطنية والقلوب المليئة بالمبادئ الإسلامية والمشاعر الإنسانية. بيانٌ مشبوهٌ تجاوزه شعب البحرين بوعيه ووطنيته وعروبته وإسلاميته، فمتى يستوعب ذلك الإنعزاليون؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1430 - السبت 05 أغسطس 2006م الموافق 10 رجب 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً